أدى الهجوم الإسرائيلي على مبنى القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق في الأول من نيسان الجاري الى مقتل 7 من أعضاء الحرس الثوري الإيراني ومن بينهم قائد قوة القدس في سوريا ولبنان العميد محمد رضا زاهدي، وقد وجدت إيران نفسها بعد هذا الهجوم محرجة بمكانتها ومصداقيتها في المنطقة في حالة عدم الرد ولذلك تظهر المواجهة اليوم أقرب من أي وقت مضى، ويبدو ان إسرائيل بقصفها للقنصلية الإيرانية في سوريا ارادت اخراج إيران من حرب الظل وجعلها في ميدان المواجهة المباشرة.
لقد حذر الرئيس الأمريكي جو بايدن إيران من الاقدام على أي هجوم يستهدف إسرائيل مؤكدا في الوقت نفسه على انه يتوقع ان يكون الهجوم وشيكا، وفي نفس الوقت هدد وزير الدفاع الإيراني الدول التي تفتح اجوائها لإسرائيل او أمريكا من اجل استهداف الامن القومي الإيراني بأنها ستكون عرضة للرد الإيراني المباشر.
لقد دأبت إيران وإسرائيل منذ عقود على اعتماد سياسة حرب الظل (Shadow War) وما يميز حرب الظل عن الحرب التقليدية بانها تجري بشكل سري وباستخدام قوات حليفة او مرتزقة وفي كثير من الأحيان لا يوجد اعتراف بالأعمال الهجومية، بيد ان الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية ورد الجانب الإيراني عليه جعل الحرب معلنة بين الاثنين، ويبدو ان هدف إسرائيل من ضرب القنصلية هو استدراج ايران الى حلبة الصراع بشكل مباشر مما قد يؤدي الى مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة ولعل فشل الحكومة الإسرائيلية في تحقيق أهدافها العسكرية والسياسية في غزة هو الذي دفعها الى اللعب على حافة الهاوية.
ان الرد الإيراني باستهداف إسرائيل بالطائرات المسيرة والصواريخ قد وضع حدا للخطوط الحمراء بعدم المواجهة المباشرة بين الجانبين وان اقدام إسرائيل على الرد سوف يجعل الحرب مفتوحة بين الجانبين وقد تكون تداعياتها كبيرة وان من شأن الحرب المباشرة بين الجانبين ان تقود الى ثلاث سيناريوهات محددة وتشمل:
1- حرب محدودة تستمر لعدة أيام يتم فيها تبادل الهجمات وتتوقف بعد تدخل جهات وقوى خارجية.
2- حرب إقليمية تشارك فيها عدة جبهات ضد إسرائيل من بينها جبهة اليمن ولبنان وسوريا.
3- حرب أوسع تشارك فيها بشكل مباشر الولايات المتحدة رغم ان هذا الاحتمال ضعيف، اذ قد تكتفي واشطن بدعم إسرائيل عسكريا وسياسيا دون التورط في الحرب المباشرة.
ان إيران بردها على الاعتداء الإسرائيلي فأنها ترسل عدة رسائل موجهة الى أمريكا وإسرائيل والمنطقة بالكامل بانها قادرة على الرد المباشر وبأن هناك اثمان باهظة سوف تتحملها إسرائيل وامريكا جراء تماديها واستمرارها في الاعتداءات على المصالح الإيرانية في المنطقة، ويبدو ان إيران قد قررت ممارسة سياسة الردع بمواجهة الردع وفي ذلك تكون ايران قد حسمت امرها بالرد وان ليس لها ما تخسره في ظل العقوبات الامريكية القاسية عليها، كما وان لديها حلفائها في مجلس الامن وهما روسيا والصين واللذان من المتوقع ان يمنعا أي قرار ضدها في مجلس الامن.
وان الرد الإيراني الاولي المحدود بهذه الطائرات والصواريخ سوف يكون بمثابة جس نبض لإسرائيل وامريكا بأن هذا الرد يمكن ان يتبعه رد اقوى في حال اقدام إسرائيل على رد الفعل غير المحسوب ضد الأراضي الإيرانية ويمكن في هذا المجال ان تمارس الولايات المتحدة ضغوطها على إسرائيل بعدم التصعيد لتجنب اشعال المنطقة على نحو لا يحمد عقباه.