منذ فترة ليست ببعيدة حذر زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون جارته كوريا الجنوبية من أي انتهاك حتى ولو كان مليمتراً واحداً صوب أراضي كوريا الشمالية، وأن التفكير بذلك سيؤدي الى إشعال وتيرة الحرب بين الجانبين، بينما أعلنت كوريا الجنوبية أن استمرار الاستفزازات من جانب جارتها الشمالية سيجبرنا على الرد أضعافاً مضاعفة، وتوالت هذه التحذيرات عقب حل بيونج يانج الوكالات الحكومية المكلفة بملف توحيد البلدين.
يرى زعيم كوريا الشمالية أن مواصلة المساعي للصلح مع الجارة الجنوبية كان خطأ كبيرا ولا يجب علينا تكراره، وعلى هذا الأثر أعلن الجيش الكوري الجنوبي عن وقوع صاروخ باليستي بالقرب من حدودها البحرية حال إنتهاء مهمة بيونج يانج، مما أدى الى حدوث مناورات مضادة وأوامر بإخلاء عدداً من الجزر الحدودية تأهباً للرد بشكل مغاير على الجارة الشمالية، معتبرين أن إطلاق الصاروخ كان مسعاً لتقسيم الرأي العام في كوريا الجنوبية، ومن جانب آخر نددت كلاً من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان بإطلاق كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً متوسط المدى صوب حدود كوريا الجنوبية البحرية، فيما وقد أضافت وزارة الخارجية الأمريكية بياناً بشأن الصاروخ مؤكدةً على أن مثل هذه الأفعال خطيرة وتزعزع استقرار الأوضاع الإقليمية والدولية، كما وقد ذكر البيان بأن مضي كوريا الشمالية لإرتكاب مثل هذه الأفعال يمثل انتهاك صريح لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وعلى هذا الأثر تشهد العلاقات اليوم بين الكوريتين الشمالية والجنوبية توتراً كبيراً، خاصة بعد أن ألتزم الزعيم كيم جونغ أون بتعزيز وضع بلاده إلى القوة النووية واستئناف التجارب الصاروخية الباليستية الحديثة عابرة القارات، وهو ما أثار تساؤلات عدة في كوريا الجنوبية حول اعتمادها بشكل كبير على الردع الموسع أي بشكل مبطن وتحت المظلة النووية الأمريكية، فيما يدعو سياسيي كوريا الجنوبية الى ضرورة تطوير الأسلحة الخاصة ببلادهم تكيفاً مع الظروف المحيطة وتحسباً لأي انتهاك أخر يصدر من الجارة الشمالية، وعلى الرغم من فترة الهدوء التي طرأت على البلدين بعد حادثة الصاروخ إلا أن التحذيرات والاستفزازات بين الجانبين تصاعدت بعد مدة قليلة جداً وقد شهدت العلاقات بين الطرفين مرة أخرى توتراً كبيراً وهو ما استدعى الى نشر قوات بأعداد كبيرة على حدود البلدين تحسباً لأي هجوم من كلا الطرفين، فيما وقد عزز هذا التوتر مشهد انفجار لغم أرضي بتاريخ 16 يونيو 2024 على عدداً من جنود جيش كوريا الشمالية، ومحاولة أخرى من جانب الجيش الكوري الجنوبي لإختراق حدود الجارة الشمالية إلا أن هذه المحاولة بائت بالفشل بعد أن أطلق الجيش الكوري الشمالي اطلاقات نارية كثيفة أدت إلى انسحاب القوات الكورية الجنوبية من موقع الحادثة، وأعقب ذلك توغلاً لعشرات الجنود الكوريين الشماليين لحدود كوريا الجنوبية المحصنة إلا أن هذه المحاولة أيضاً بائت بالفشل بعدما أطلق الجيش الكوري الجنوبي طلقات تحذيرية أدت الى تراجع قوات الجيش الكوري الشمالي.
وفي الختام؛ يبدو أن الوضع بين الكوريتين في حالة تأزم كبيرة وإن استمرار تصاعد نشاطات التوغل بين الجانبين تنذر بوقوع حرب قريبة، كما أن التحذيرات والاستفزازات التي وقعت خلال هذا العام شددت من الإجراءات الأمنية على المناطق الحدودية تحسباً لأي فعل غير مسؤول من أحد الأطراف، علاوة على إرادة العديد من السياسيين في كوريا الجنوبية إزاء تطوير أسلحة نووية تفضي الى حماية أمن البلد ضد الانتهاكات المستمرة من الجانب الشمالي وهو ما ترفضه واشنطن، إلا أن وضع كوريا الجنوبية يتطلب وجود مثل هذه الأسلحة انطلاقاً من كون الأوضاع التي تمر فيها تستدعي لوجودها، خاصة وأن كوريا الشمالية ملتزمة في تعزيز قوة البلد النووية وهو ما تخشاه كوريا الجنوبية نظراً لحالة العداء بين الجانبين.