قضايا اقليمية

تطورات الملف اليمني بعد سبع سنوات من اعلان الحرب

    بعد سبع سنوات من اعلان السعودية ما اسمتها عاصفة الحزم بالحرب العسكرية على اليمن خصوصا صد تهديدات معسكر الحوثيين المفترضة الذين تعدهم السعودية تهديدا لأمنها القومي ومحل نفوذ لإيران في اليمن ومن خلاله لضرب استقرار السعودية، وقالت وزارة الدفاع السعودية في حينها ان العملية هذه لديها اهداف محددة.

مر اكثر من سبع سنوات دون ان تتمكن السعودية من تحقيق أهدافها على ما يبدو، خاصة  جماعة الحوثيين لا تزال تمارس تجربتها السياسية والعسكرية بل وصل نشاطها العسكري في العامين الأخيرين لضرب منشآت مهمة واستراتيجية داخل المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة ومنها استهداف شركة أرامكو النفطية، ومطارات، ومدن في السعودية، ومطارات ومنشآت نفطية في الامارات، الأكثر حساسية وإيلاما للسعودية والامارات، ولتحقيق أكبر قدر من الخسائر الاقتصادية للدولتين، تقابله السعودية وحلفائها بعشرات العمليات العسكرية الجوية التي غالبا ما يذهب ضحيتها عشرات المدنيين من أبناء الشعب اليمني في العاصمة صنعاء ومدن شمال اليمن، فيما يمثل الجنوب المضطرب سياسيا حليفا للسعودية حيث تنحدر قوى وشخصيات مناهضة للوجود الحوثي سياسيا وامنيا ومنه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.

يأتي اعلان وقف اطلاق النار في هذه الأيام بعد سنوات من الدمار والاقتتال وما سببته من فقر، وحرمان، وامراض وجوع، لأبناء الشعب اليمني، وتقود سلطنة عُمان الوساطة بين السعودية والحوثيين، حسب مصادر سعودية ويمنية، كما أن المبعوث الخاص للأمم هانس غروندبرغ قاد جهودا في الفترة الأخيرة للتوصل إلى هدنة في شهر رمضان الذي بدأ مطلع نيسان إلا أنها لم تكلّل بالنجاح، وفي ذلك يمكن قراءة تطورات الملف اليمني الأخيرة من عدة ابعاد منها:

اولاً: ابعاد المبادرة الحوثية اليمنية مع السعودية

اكّد مسؤول سعودي من السلطة الحاكمة قبل ايام أن جماعة الحوثي اليمنية قدّمت مبادرة لوقف إطلاق النار تتضمن هدنة وفتح مطار صنعاء ومرفأ الحديدة، في حين أعلن التحالف العربي الذي تقوده السعودية استهداف مسيّرات حوثية مفخخة قيد التجهيز، حيث إنّ "الحوثيين طرحوا مبادرة عبر وسطاء تتضمن هدنة وفتح المطار (صنعاء) والميناء (الحديدة) ومشاورات يمنية يمنية". يأتي ذلك في الوقت الذي تواصل فيه الجماعة قصف منشآت لشركة أرامكو ومرافق بنية تحتية أخرى داخل السعودي، اذ أن الحوثيين يواصلون هجماتهم لأنهم "يريدون أن يعلنوا المبادرة كأنهم لا يزالون أقوياء"، وكان الحوثيون رفضوا في منتصف آذار الماضي مبادرة طرحها مجلس التعاون الخليجي لتنظيم حوار للقوى المتحاربة في اليمن، وحول موقف الرياض من المبادرة، قال المسؤول "ننتظر إعلانها رسميا. يأتي ذلك في اتهام السعودية الى الحوثيين من أنّ "إيران تدفع الحوثيين" إلى استهداف منشآت أرامكو. من جانب اخر ان هناك تطورات تخص الداخل اليمني منها المشاكل الاقتصادية المتفاقمة ونقص في الغذاء والدواء وقد يمثل ذلك ردود فعل من قبل سكان المناطق تحت سيطرة الحوثيين، وفي سياق اخر قد تمثل المفاوضات الامريكية الإيرانية حول الملف النووي وملفات الشرق الأوسط ونفوذ ايران دورا أساسيا في هذه المبادرة الى جانب التقارب السعودي الإيراني منذ العام الماضي والى الان.

ثانياً: تنحي عبد ربه منصور هادي وتشكيل مجلس الرئاسة

اعلن عبد ربه منصور هادي الرئيس المفترض لليمن عن استقالته من منصبه وتشكيل مجلس رئاسي له صلاحيات إدارة شؤون البلد دون توضيح حدود الصلاحيات وآلية تعيين اعضاء المجلس، اما القرار الثاني فيتمثل بإعفاء نائب رئيس الجمهورية علي محسن الأحمر من منصبه والاحمر متهم في تنفيذ عملية اغتيال حسين بدر الدين الحوثي، والد زعيم جماعة انصار الله الحوثيين عبد الملك الحوثي، وهذا الاعفاء له ابعاده أيضا، ويبدو ان تشكيل المجلس الرئاسي يأتي في ظل اخفاق عبد ربه منصور هادي في إدارة الدولة فضلا عن الانقسامات الكبيرة والكثيرة التي شهدها اليمن ومنها بين قوى اليمن الجنوبي فضلا عن الصراع المسلح مع الحوثيين في اليمن الشمالي وعدم قدرة قواته والقبائل الموالية لها من انتزاع المناطق والمحافظات التي سيطر عليها الحوثيين منذ الأشهر التي سبقت الحرب والى يومنا هذا، وقد يمثل تشكيل المجلس الرئاسي نقطة انفراج تطمأن الحوثيين في إزاحة منصور هادي وفريقه من النظام السياسي، ومن ثم ممكن ان يكون للحوثيين دورا سياسيا اكبر في مرحلة ما بعد منصور هادي.

ثالثاً: مستقبل الحوثيين بعد مرحلة عبد ربه منصور هادي

احتل الحوثيون في العقد الأخير مكانة أساسية في الحراك السياسي والأمني والثوري في اليمن منذ عهد الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، حيث دخل معهم صراع حول احقية تمثيل المكون الزيدي بين حزبه وجماعة الحوثيين، وبعد اشتراكهم في ثورة إزاحة علي عبد الله صالح من الحكم تمكن الحوثيين من السيطرة على عدد من المحافظات اليمنية ومنها العاصمة صنعاء فضلا عن مدن اليمن الشمالي والثقل الحوثي في مرحلة التأسيس في محافظة صعدة، وطوال سنوات حكم عبد ربه منصور هادي الشكلي والحرب السعودية عليها حافظ الحوثيين على ثقلهم السياسي والأمني واستحكام سيطرة نفوذهم، واتوقع سيترجم هذا النفوذ الحوثي في مرحلة ما بعد عبد ربه منصور هادي وكذلك في أي مبادرة سياسية لأنهاء الحرب السعودية وحلفائها على اليمن يساعد على ذلك إقرار إقليمي بالاعتراف بالحوثيين كمجموعة سياسية ودينية يمنية ورغبة خليجية في انهاء حرب اليمن وانزعاجهم من صواريخ الحوثيين على مدن ومنشآت خليجية، وكذلك الاعتراف الدولي والأممي من قبل الولايات المتحدة ومن ذلك دعواتها المستمرة في عهد الرئيس الأمريكي الحالي جون بايدن الى إيجاد حل سياسي للحرب السعودية على الحوثيين وكذلك رفع جماعة انصار الله الحوثيين من قائمة الجماعات الإرهابية.

...........................................

*مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية / 2001 – 2022 Ⓒ

http://mcsr.net

اشترك معنا على التلجرام لاخر التحديثات
https://t.me/infomscr
التعليقات