حلقات نقاشية

مركز المستقبل ناقش تحولات الرأي العام العراقي تجاه السياسات الامريكية

ناقش مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية وضمن نشاطاته الفكرية الشهرية موضوعا حمل عنوان (الرأي العام العراقي.. قراءة في تحولات المواقف تجاه السياسات الامريكية) بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية، وبعض الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية والصحفية في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي عقد بمقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، قدم الورقة النقاشية وأدار الجلسة الحوارية الدكتور قحطان حسين طاهر أستاذ جامعي وباحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية، وابتدأ حديثه قائلا:

"شهد الرأي العام العراقي تحولات واضحة تجاه السياسات الامريكية في السنوات الأخيرة، وجاءت هذه التحولات كنتيجة لأحداث عدة طرأت على الساحة السياسية العراقية كانت للسياسة الامريكية مواقف وقرارات وسياسات متباينة تجاهها بما يتناسب ويخدم المصالح الامريكة بالدرجة الأولى.

وعند استعراض الاحداث التي اثرت باتجاهات الراي العام العراقي تبرز امامنا القضايا الآتية:

أولا: الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 والذي انقسمت مواقف العراقيين تجاهه بين اغلبية مؤيدة رأت فيه فرصة للخلاص من نظام صدام الدكتاتوري، بينما رفض الاخرون هذا الاحتلال انطلاقاً من رؤى مختلفة بعضها عقائدية وبعضها براغماتية.

ثانيا: رفعت الولايات المتحدة شعار الاصلاح السياسي في العراق من خلال العمل على تطبيق الديمقراطية واجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة اعتبرها العراقيون فرصة للتغيير وتعزيز مبدأ التداول السلمي للسلطة في حين شعر الكثيرون بخيبة امل كبيرة بسبب تدهور الأوضاع الأمنية وعدم الاستقرار السياسي وانتشار الفساد كنتيجة للنظام السياسي الذي طبقته الولايات المتحدة في العراق.

ثالثا: التواجد الأمريكي في العراق على الصعيد السياسي والعسكري ومحاولة التحكم بالقرار العراقي وتوجيهه بما يتلائم مع المصالح الامريكية مرة من خلال جهود السفارة الامريكية الدبلوماسية ومرة من خلال الضغط العسكري والتهديد به، لإجبار الحكومة العراقية على اتباع سياسة تلتقي مع المصالح الامريكية، فضلاً عن محاولة جر العراق الى صدام سياسي مع ايران مما قد يهدد الامن العراقي، كل هذه السياسات خلقت لدى العراقيين قناعة بان الولايات المتحدة لا تضع للمصالح العراقية أي اعتبار.

رابعا: مكافحة الإرهاب ومقاتلة تنظيم داعش، يستنتج الكثير من العراقيين ان نشوء داعش وقيامه بزعزعة الاستقرار في العراق جاء نتيجة لتخبط الخطط الامريكية العسكرية وسحب جزء كبير من قواتها من العراق دون ان تعمل على بناء المنظومة الأمنية العراقية لتكون قادرة على حماية الامن العراقي، ومواجهة أي تهديد محتمل، مما دفع العراقيين الى التشكيك بالنوايا الامريكية وانها تنفذ سياسات تسعى لإدامة حاجة العراقيين للوجود الأمريكي.

خامسا: عدم تحقيق التنمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وعدم الوصول الى مرحلة الرفاهية التي وعد الامريكان العراقيين بها وما زال العراقيون يعانون من تداعيات المرحلة الانتقالية مما ولد لديهم شعور بالإحباط من هدر المال العام والفساد وضعف مؤسسات الدولة نتيجة لما يعتقد العراقيون ان الولايات المتحدة هي المسؤولة عما يجري.

سادسا: انتهاكات واسعة اقترفتها القوات الامريكية تجاه حقوق الانسان في العراق من خلال التعذيب والقتل غير المبرر للمدنيين والمعارضين مما اثر سلبياً على صورة الولايات المتحدة في عيون العراقيين.

سابعا: تظاهرات تشرين وما رافقها من احداث وانقسام العراقيين بشأنها واتهام جهات اجتماعية وسياسية عراقية للولايات المتحدة بالوقوف وراءها، مما خلق انطباع لدى فئات معينة ان الولايات المتحدة لا تتوانى عن اثارة المشكلات في العراق متى ما تطلبت مصالحها ذلك.

ثامنا: تصفية الحسابات الامريكية مع الخصوم على الساحة العراقية وما يترتب على ذلك من انتهاك لسيادة العراق والاضرار بمصالحه (اغتيال سليماني، العقوبات الاقتصادية على ايران، واحياناً تفاهمات واتفاقات تقاسم النفوذ).

وان تحول مواقف الراي العام العراقي تجاه السياسات الامريكية يؤثر بشكل واضح على رؤية صانع القرار العراقي سلباً وايجاباً، ومن المهم ان نفهم ان رؤية صانع القرار الأمريكي تجاه العراق لا تعتمد بشكل كبير على تحولات ومواقف اتجاهات الراي العام العراقي بقدر ما ترتبط هذه الرؤية بإستراتيجية الولايات المتحدة تجاه العراق والهادفة الى ضمان استمرار الوجود الأمريكي ضمن خطط ادامة المصالح ومواجهة المخاطر، والدفاع عن الحلفاء والحد من تأثير الأعداء فما حدث في أفغانستان لا تتصور ان يحدث في العراق لأسباب عدة منها طبيعية المنطقة واهميتها".

وللاستزادة من الآراء والمداخلات حول الموضوع نطرح السؤالين الآتيين:

السؤال الاول/ لماذا تغير الرأي العام العراقي سلبيا تجاه السياسات الامريكية؟

السؤال الثاني/ هل سيؤثر هذا التحول على رؤية صانع القرار الامريكي تجاه العراق؟

المداخلات

- الدكتور محمد مسلم الحسيني:

"لم يمتلك المحتل الأمريكي قلوب العراقيين ولا عقولهم كما كان يدعي منذ البدء، بل أبقى على معاناتهم التي ابتلوا بها منذ حين، اي منذ زمن قبل التغيير الديمقراطي في عام 2003م. ربما تباينت بعض المظاهر والصور في طبيعة ارهاصات العراقيين ومتاعبهم بعد التغيير، لكن جوهر الأمور وحالة عدم الرضا وعدم القناعة بقت عناوين لحالتهم المتأزمة المزمنة.

بينت استطلاعات الرأي المحايدة كاستطلاعات مؤسسة "غالوب" العالمية هذا المنح حيث أبدى ما يقارب ثلث المستطلعين العراقيين ألا فرق لديهم في معاناتهم بين السابق والحاضر أي بين فترة ما قبل عام 2003م وما بعدها، في حين صرح الثلث المستطلع الثاني أن الفترة السابقة للتغيير كانت أفضل مما تلاها وما آلت إليه الأحوال في يومنا هذا، بينما كان الرأي المناقض حصة الثلث الأخير من المستطلعين الذين يرون تحسنا في الأوضاع بشكل عام.

الإستنتاج النهائي من هذه الاستطلاعات يشير إلى وجود خيبة أمل محسوسة ومعبرة لدى المواطن العراقي عن حالته التي كان يطمح أن تكون أفضل بكثير مما يشهده ويراه اليوم. لم يحصل التغير الجذري الموعود في طبيعة الخدمات ولا في أركان الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية والنفسية والأمنية وغيرها.

خيبة الأمل العراقية من السياسات الأمريكية اتجاه العراق مبنية على أسباب وأسس وحقائق تكشفت وتتكشف يوما بعد يوم، نوجز منها ما يلي:

أولا/ إكتشاف كنه وحقيقة السياسات الأمريكية في العراق: بينت التصرفات الأمريكية في العراق ومنذ البداية على "مركزية الايجو" لدى المحتل اي حالة الأنانية والانا والاهتمام بالمصالح الذاتية دون غيرها. لم يعالج الأمريكان مواجع العراقيين ولم يرفعوا عنهم همومهم التي صنعوا أسبابها بأنفسهم. بقت البنى الفوقية والتحتية في العراق على حالها كما هي، لم تتغير إن لم تكن قد ساءت وتدهورت، كما لم تتوقف هواجس العراقيين ومخاوفهم من عدم الإستقرار في الحالة السياسية والأمنية، ولم تجتاز شرائح واسعة من المجتمع أعتاب الجهل والعوز والفاقة. في حين بقت الخدمات مختلة مضطربة غير فعالة وبقي العراقي قلقا متحسبا مرتابا من المستقبل. الشعارات التي حملها الأمريكيون في العراق والمتمثلة بالرفاه والإستقرار والحرية والتقدم والازدهار لم تر النور على أرض الواقع، بل ترجمت إلى اوهام ووعود كاذبة.

ثانيا/ التوجس من مخاطر الديمقراطية: تفهم الشارع العراقي بأن الديمقراطية التي وصفت له على عجل هي فخ قد وقع فيه قد لا يجد منه مخرجا. الديمقراطية كالثوب الذي يجب تفصيله على أساس قياسات الجسد، لا يهدى عشوائيا حيث قد يكون طويلا فيحصل التعثر به والسقوط أو قد يكون قصيرا فتظهر المكامن والعيوب. الديمقراطية الناجعة تستقر في ساحات الوعي والمعرفة والثقافة وفي المجتمعات المستقرة المنسجمة مع بعضها لا المتباينة عرقيا ولغويا وطائفيا وفكريا، ولا المختلفة بولاءاتها وانتماءاتها وارداتها.

الديمقراطية المنظمة هي التي يقودها من ينكر الذات من أجل الوطن، ويخشى غضب الله وسخط الوطن وتأنيب الضمير، الذي يحمل الخبرة والكفاءة والاختصاص والرقي الأخلاقي والإنساني، لا من يلهث وراء مصالحه الشخصية والكسب والإستفادة وخيانة الأمانة والمسؤولية. الديمقراطية القائمة هي التي لا تستثني أحدا من الشعب ولا تنكر حق أحد ولا تصادر خدمات أحد ولا تتعامل بالمحسوبية والمنسوبية، بل تضع الرجل المناسب في مكانه المناسب.

الديمقراطية المؤثرة هي التي لا تتأثر بسياسات من يحيط بها من بلدان ولا تعكس نقاط اختلافات تلك البلدان على وضعها الذاتي الداخلي، ولا تسخر نفسها كساحة صراع ونزاع بين المتصارعين والمتنازعين حولها. لم تسر السياسات الأمريكية في العراق بالاتجاه المطلوب والنهج الصحيح، حيث لم تشجع ولم تحفز على ما ينبغي أن يحصل ويكون، بل تماماً كان العكس، فقد حفزت على خلق الفرقة والكراهية والانقسام في رؤى المجتمع الواحد من خلال وضع نظم المحاصصة السياسية وفقا للفوارق الطائفية والعرقية واللغوية، فتعمقت الهوة وتوسع الشق!

ثالثا/ المستقبل الغامض في العراق: بدأ العراقيون يدركون بأن الأمريكيين قد وضعوا بلدهم في نفق مظلم لا بصيص فيه من نور، صار العراقي يخشى فيه على مستقبله ومستقبل أبنائه. لا المحتل بنفسه الذي قاد عملية التغيير ولا الذي اصطفاه ممن صار بيده الامر والنهي وتربع على أركان السلطة وعلى إدارة شؤون البلاد، أبدى ويبدي اهتماماته على مستقبل البلد وعلى حالته في قابل السنين والايام. لا توجد مشاريع ستراتيحية تستشرف حاجات البلد المستقبلية بما يتماشى مع المعطيات الجديدة وضروريات المرحلة القادمة. العراق يعيش ليومه فقط دون أن ينظر إلى غده والى أفق المستقبل.

فهو لا يجيب على اي سؤال حساس ومصيري بما يخص المستقبل: ما هو البديل المادي للبترول يوم نضوبه!؟ يوم تخف الحاجة للبترول في ظل الإجراءات الحثيثة التي يجريها العالم الباحث عن الطاقة النظيفة والمستغني عن المحروقات وملوثات البيئة، ماذا سيصنع العراق لتعويض النقص في مردودات بيع البترول المالية!؟ ما إجراءات الحكومات المتعاقبة بعد التغيير، وتحت إشراف ذو الشأن من الأمريكيين، التي اتخذوها لمقارعة التصحر وشحة المياه، شؤون الصناعات المحلية والزراعية والثروة الحيوانية، مستلزمات السكن، مشكلة البطالة، الكهرباء، الماء الصالح للشرب، الصحة ومشتقاتها، هذه الأمور وغيرها من الشؤون الخدمية الحساسة بقت في حكم الغيب لا نطق ولا حراك فيها!. كل هذا يصعد في درجات القلق والتوجس والخوف من مستقبل غامض محفوف بالمخاطر والمحن.

رابعاً/ الوضع السياسي الداخلي المتأزم في العراق: لابد للباحث في الوضع السياسي الداخلي للعراق أن يستشف حالة الغليان الداخلي في نفوس العراقيين بما يشبه القنبلة الموقوتة التي لا يدري المرء متى ستنفجر. هذا الوضع هو انعكاس لحالة التشنج السياسي بين الفرقاء السياسيين في ظل انقسام الرؤى وتعدد الارادات وتباين الولاءات. لا يقتصر وجود التباين السياسي المبني على الطائفة والعرق فحسب، إنما يتعدى ذلك بانقسام ذاتي داخل الطائفة الواحدة والعرق الواحد أيضا! هذا ينذر بعواقب وخيمة لا تحمد عقباها ومهما تأخرت في وقت حدوثها ستبقى واردة وقائمة.

لعبت السياسات الأمريكية الموجهة في العراق دورا بارزا في هذا التشرذم والانقسام سواء أكان بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وذلك من خلال تحفيز تضارب الرؤى بين الفرقاء ومحاباة جهة ومعاداة جهة أخرى لا تمضي بنهجها ولا تجري بهواها. سيبقى النزاع السياسي قائما طالما غاب من يرعى ويسعى في تحقيق الوئام ويقرب بين وجهات النظر المتباينة ويشجع على مبدأ الوسطية وتفهم واحترام الآخر. لا يوجد في تاريخ السياسة الأمريكية نهج المصالحة بين الأطراف المتنازعة وخلق السلام بينها، إنما الحالة تشير الى العكس! فلو تصرفت امريكا في سياساتها إزاء أزمات العالم ونزاعاتها كما تصرفت الصين حينما احتوت كل من إيران والمملكة العربية السعودية في مجموعة دول الـ "بريكس" الاقتصادية وصالحت بينهما، لساد السلام داخل بلدان العالم وفيما بينها، ولما حصلت حروب الخليج المتعددة ولا الحرب الروسية الجورجية ولا حرب أرمينيا واذربيجان بل ولا حتى الحرب الروسية الأوكرانية!

كل هذه الأدوار السلبية وغيرها التي مارستها السياسة الأمريكية في العراق منذ أن تدخلت بشكل مباشر في شؤونه السياسية وتحت يافطة الديمقراطية الارتجالية والانفعالية، أدت كلها إلى ما وصل العراق اليه والى اليأس الذي رسا في نفوس أكثر العراقيين، بل والى زعزعة الثقة في الاعماق والى انقلاب رؤى العراقيين إزاء النوايا الحقيقية للسياسات الأمريكية في العراق بشكل خاص وفي المنطقة بشكل عام، حيث أن المجرب لا يجرب!".

 

- الاستاذ ابو مشتاق:

"الجغرافيا العراقية مرت وتمر بظروف غير طبيعية من انظمة ترتبط بأحلاف عسكرية وعلاقات سياسية مع الولايات المتحدة الامريكية، مثل الكويت والحدود البرية مع السعودية والتدّخل التركي العسكري في شمال العراق في دهوك وبعض المناطق.

جماهيّريا، دخول تنظيم داعش واحتلال ثلث العراق، مع عدم دعم العراق عسكريا او الضغط على النظام السعودي والاماراتي والتركي (الانظمة المموّلة عسكريا وماليا ولوجستياً لتنظيم داعش)، اما سياسيا اسقاط النظام وتسليمه لأيدي تريدها امريكا بشكل مباشر (هذا لا يعني انه وطني مئة بالمئة) عرف الشعب العراقي من خلال العشرين سنة الماضية والاحداث والممارسات اليومية للنظام (الديمقراطي) انه كذبة إعلامية ليس اكثر.

هذه النقاط وغيرها أثرت في تغير الرأي العام العراقي بشكل سلبي والبعض منها يفكرّ بالمقاومة العسكرية ويعتبرّه أكثر خبثاً من النظام السابق. ويجب ان نعرف صنع القرار الامريكي، لا يأتي صدفة او بدون دراسة او مراقبة دقيقة، يمكن ملاحظة الانسحاب من أفغانستان وفيتنام والدوافع الرئيسية لذلك القرار، اعتقد الدورات والزيارات الخاصة التي تقوم بها السفارة الامريكية للشباب الذي اعمارهم دون (٣٠) سنة، اختيارهم لهذه الشريحة من الناس، لانهم لا يعرفون النظام السابق وممارساته الارهابية او انهم يملكون حس ديني من الجيل المعدوم او المسجون، وكذلك الفرق الاعلامية المدافعة عن الوجود الامريكي او ما يصطلح عنه بـ(الذباب الاكتروني) ويقال انهم (٦٠٠) شخص هذه الاسباب وغيرها من وجود عناصر ثورية من الحشد الشعبي تؤثر على القرار الامريكي تجاه العراق".

 

- الدكتور علاء الحسيني:

"مزاجية الرأي العام تجاه الولايات المتحدة الامريكية بشكل خاص واتصور انها سلبية لانعدام الثقة بين المواطن العراقي والولايات المتحدة اتجاه سياساتها وبوصلة سياساتها اتجاه العراق التي تغيرت بتغير المصالح وتغير الحزبين الحاكمين في الولايات المتحدة، وجعلت من المواطن العراقي لا يثق بالولايات كشريك استراتيجي ممكن الاعتماد عليه لاسيما انها خذلت العراق في كثير من المواطن والمواقف، اضف لذلك انها تدخلت بشكل سلبي بالشأن العام العراقي ولا يخفى على الراي العام العراقي وجميعهم متفقين على ان الولايات المتحدة تتدخل في تشكيل الحكومات وفي تسيير بعض الأمور، لذلك ان المواطن العراقي لا يثق بسياسات الولايات الامريكية وجعلت هناك نوع من السلبية وان هذه السلبية لها جذور تمتد الى 2003 وما رافقها من إشكاليات كبيرة من احتلال الولايات المتحدة الامريكية للعراق وما رافقها من تعامل للعراقيين واصرارها على القيام ببعض الاعمال التي كان لها اثر سلبي، وكذلك حالة الصراع التي دخلت بها أمريكا مع الجهات الوطنية في العراق لاسيما الجهات الحريصة على البلد والوطن وكانت هذه الصراعات متمثلة بصراعات سياسية او عسكرية واستخدمت الولايات الامريكية بعض اذرعها وبعض اساليبها المعتادة التي أدت الى تغييب الكثير من العراقيين من أصحاب الراي والتأثير عليهم ومحاولة اسقاطهم بعدة طرق، وان مسألة الثقة هي ليست الوحيدة التي جعلت العراقيين ينظرون نظرة ريبة للولايات المتحدة بل اختلاف الثقافات بين البلدين واختلاف مركز القوة وآلية التعامل والحديث مع المسؤولين العراقيين وما شاكل ذلك ليس فقط السياسي بل الاقتصادي، وهذا ما أدى لحالة من عدم الارتياح للدور الأمريكي في العراق وليس هناك تقبل للدور الأمريكي في العراق بسبب الأساليب التي تعتمدها أمريكا في العراق ومن الممكن ان تأثر بالشأن العام في المستقبل".

 

- الاستاذ عدنان الصالحي:

"السياق التاريخي بين البلدان العربية بشكل عام والدول الشرق أوسطية والولايات المتحدة الامريكية ليس بينهم علاقة طيبة وليس هناك حسن ظن، وربما العراق وبعض الدول بدأت تتقبل هذه الدول لما رأت ان هناك أنظمة فاقت الطغيان والظلم والسوء التي تمثله هذه الدول وحتى عندما احتلت أمريكا العراق في عام 2003، وان العراقيين لم يكونوا راغبين بالاحتلال بقدر ما كانوا راغبين بإزالة النظام السابق في ذلك الوقت، وصحيح ان هناك من تفاعل مع الامر من شدة ما لاقاه من ظلم وطغيان من الحزب الحاكم، لكن الإدارة الامريكية للعراق بعد 2003 للعراق كانت سيئة في إدارة هذا الملف وبالنتيجة تعاملوا مع اشخاص اوهموهم بانهم لديهم قواعد جماهيرية ولكن بعد فترة تفاجئوا من كذب هؤلاء الأشخاص وبدأوا يفرزون من هو صاحب التأثير الحقيقي على ارض الميدان، بالنتيجة أمريكا قامت باتخاذ قرارات كان لها اثر بتفتيت الدولة ودعائمها، وان قسم من الامريكان كانوا متورطين بقضايا فساد لذلك بعد الاحتلال كانوا يغضون الطرف على بعض الممارسات التي تجري امامهم. كل هذا كان من الممكن ان يكون جزء ولكن الجزء الحقيقي ان المجتمع العراقي بعد فترة طويلة من اشراف الامريكان بشكل مباشر على العملية السياسية لم يرى نتائج ملموسة بتشكيل دولة حقيقية وإنتاج طبقة سياسية تدير البلاد بشكل صحيح، ويبدو ان الامريكان ليس لديهم الرغبة بإنتاج هذه الدولة وان المعركة لا تدار بأراضيهم او بلادهم وانما هم أصحاب نفس طويل بهذا الجانب وهم يخططون لإنتاج ما يوافق مصالحهم وسياقاتهم سواء من هذا الطرف او ذاك ويخططون لإضعاف خط التيارات الإسلامية وهذا ما نجحوا به من خلال عدم التصويت لهذه الأحزاب في الانتخابات واضعاف نفوذها وقد تنتج عنها أحزاب بديلة في هذا الجانب".

 

- الباحث حامد الجبوري:

"ان عدم وجود ثمار ملموسة من التدخل الأمريكي في العراق هو الذي أدى الى عدم ثقة وارتياح من قبل الراي العراقي بصورة عامة، ولكن السؤال لماذا هناك دول احتلتها أمريكا تصاعدت وأخرى تراجعت وان الموضوع لا يتعلق بالشأن الداخلي وهو عدم استيعاب القوة وان أمريكا دائما ما تبحث عن مصالحها وليس مصالح الدول التي تحتلها، وهناك دول هي التي تريد تنهض على عكس العراق الذي انهار وفكر بالانهيار قبل النهوض".

 

- الاستاذ احمد جويد:

"ان موضوع الثقة بالجانب الأمريكي امر غير صحيح فالأمريكان دائما ما يسعون الى مصالحهم في أي بلد يدخلوها ولا يهمهم رأي الناس، وان الرأي العام العراقي يتأثر كثيرا بوسائل التواصل الاجتماعي وان أي موضوع يطرح في هذه البرامج ممكن التفاعل معه حتى القضايا التي حدثت في تشرين 2019 كان الفيسبوك له اثر كبير فيها بالنتيجة الامريكان خذلوا العراقيين فيها".

 

- الاستاذ محمد علاء الصافي:

"لم يكن الرأي العام العراقي إيجابيا تجاه أمريكا منذ احتلالهم للعراق في عام 2003 وبنفس الوقت السياسات الامريكية لا يهمها رأي الشعوب تجاهها والدليل دائما ما نرى ان سمعة الولايات المتحدة الامريكية كسلوكيات وهيمنتها العالمية وليس فقط على العراق بأنهم عندما يحضرون قمة معينة اقتصادية نرى ان الشعوب الأخرى تحتاج فقط لحضور الامريكان في القمة وان السياسات الامريكية هي التي دمرت الكوكب بالجانب الاقتصادي او بالجانب المناخي مثلاً، فبالنتيجة السياسات الامريكية عندما ترسم او يخطط لها لا تضع في رأسها قضية أهمية رأي الشعوب الأخرى بهذه السياسات، وهمهم الأول هو اخذ المواقف الرسمية للحكومات ويأخذوا تأييد الطبقات السياسية الحاكمة في هذه الدول لتمشية مصالحهم وامورهم، وان صانع القرار الأمريكي غير متأثر واصرارهم هم وحلفائهم على دعم الشخصيات الفاسدة الطائفية التي تدعم مصالحهم في المنطقة والعراق اكبر دليل على ذلك، والتي تسعى على خلق الصراعات في العراق ولا تستند هذه الشخصيات على قاعدة شعبية حقيقية تكسب ودهم بحيث تبني علاقات استراتيجية بعيدة مع العراق وغير موجود هذا الامر في سياسات الإدارة الامريكية وبالنتيجة تبنى مصالحها على الأحزاب الضعيفة وهذا ما نراه في لبنان والعراق".

 

وفي ختام الملتقى تقدم مدير الجلسة الدكتور قحطان الحسيني بالشكر الجزيل والامتنان إلى جميع من شارك برأيه حول الموضوع سواء بالحضور او من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، كما توجه بالشكر الى الدعم الفني واللوجستي الخاص بالملتقى الفكري الاسبوعي.

* مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية / 2001 – 2023 Ⓒ

http://mcsr.net

اشترك معنا على التلجرام لاخر التحديثات
https://t.me/infomscr
التعليقات