عقد مركز المستقبل للدراسات والبحوث صباح يوم السبت الموافق 7 كانون
الثاني 2005 الساعة العاشرة والنصف جلسة حول الحلقة النقاشية التي تحمل
عنوان (السلوك العراقي في ضوء نتائج انتخابات 15 كانون الأول 2005).
وقد حضر الجلسة بالإضافة إلى السيد سمير الكرخي مدير المركز السادة كل
من:
1. د. متعب مناف/ أستاذ الاجتماع في كلية الآداب، جامعة بغداد.
2. د. عامر حسن فياض/ أستاذ الفكر السياسي الحديث في كلية العلوم
السياسية جامعة بغداد.
3. د. عبد الرسول جاسم/ أستاذ الاقتصاد في كلية المنصور الجامعة.
4. د. خليل الربيعي/ أستاذ الفكر الإسلامي بمركز الدراسات الدولية
جامعة بغداد.
5. الأستاذ ياسر خالد عبد بركات/ مدير القسم الإعلامي ومسؤول
العلاقات العامة بالمركز.
وقد ركزت الجلسة على البحث في نتائج الانتخابات العراقية التي جرت
في 15 كانون الأول 2005 وما تبعها من تداعيات لقوى مؤيدة وأخرى رافضة
لنتائج الانتخابات، وانعكاس هذه التداعيات على الشارع العراقي الذي بات
مترقباً لما ستؤول أليه المرحلة القادمة المتضمنة تشكيل الحكومة وشكلها
التي تأخذ على عاتقها مهام الأربع سنوات القادمة وهل هي حكومة وحدة
وطنية مستندة بالأساس على الاستحقاقات الانتخابية أم هي حكومة توافق
وطني بمشاركة جميع قوى وأطياف الشعب العراقي.
ولأجل مناقشة جميع الأطر المتعلقة بمسألة الانتخابات، لابد من بحث
السلوك العراقي بجميع جوانبه للوصول إلى محصلة تفيد بإمكانية وضع تقييم
للسلوك العراقي في ضوء نتائج الانتخابات يمكن أن تؤسس مستقبلاً لبناء
تجربة انتخابية متميزة تحظى باهتمام واسع من قبل كل القوى المساهمة في
العملية السياسية وبما يضمن تحقيق آفاقاً أوسع للتجربة الديمقراطية في
العراق. وقد قسمت محاور الجلسة إلى: المحور الديني والمحور السياسي
والمحور الاجتماعي والمحور الاقتصادي.
المحور الديني المتعلق بـ(الجانب الديني والسلوك الانتخابي) للدكتور
خليل الربيعي الذي تناول مسألة الاصطفاف الطائفي المتضمنة القفز على حق
المواطنة وضرورة استبعاد تغليب الانتماءات للطائفة على الولاء للوطن
كما أشار إلى أن الانتخابات في العراق باتت مصيرية للكل إزاء دعاوى
الأكثرية والأقلية. إذ شهدت مرحلة ما بعد السقوط محاولات للتحاور
الديني بين جماعات واتجاهات قد أسهمت فعلاً في بناء رؤية موحدة للعملية
السياسية القادمة كما تضمنت مسائل أخرى منها النصر أو الشهادة
وعلاقاتها بالمظلومية للوصول إلى نهاية سياسية.
ثم تحدث د. عامر عن مسألة الإسلامية الصرفة (الظلامية) وأشار إلى أن
هناك خطأ من خلال الاصطفاف الطائفي: الخطأ الشائع هي أن السلطة السابقة
هي سلطة سنية والتأكيد الحالي سلطة شيعية، فالسلطة السابقة معظم
أفرادها المسؤولين هويتهم سنية، إما السلطة الحالية هي شيعية: إذاً
هناك خطأ بخطأ. ثم تساءل د. متعب هل أن في الوقت الحاضر هناك سلطة سنية
تحاول إقصاء الجانب الشيعي. أجاب د. خليل: في السابق هناك ممارسات تدل
على وجود نفس طائفي لدى الحاكم وليس لدى الآخرين والمهم هو الخروج من
هذا النفس الطائفي في السابق والحاضر لكي نستطيع بناء وتأسيس دولة
جديدة.
د. متعب: تحدث عن إمكانية وجوب فك الارتباط بين الطائفية والمظلومية
كما أكد د. خليل على مسألة النصر أو الشهادة وعلاقتها بالمظلومية
للوصول إلى نهاية سياسية ضمن إطار (أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً).
إما المحور السياسي: المتضمن ورقة د. عامر حسن فياض (الانتخابات
وأشياء ليست أخرى) فقد احتوت على مضامين منها الإحباط السياسي/ الضياع/
الطريق إلى الصندوق/ تشكيل وبناء دولة/ المال السياسي/ كيفية توظيف
المال ووضعه في خدمة السياسة/ لماذا الاجندات الإقليمية مؤثرة في
العراق.
حيث أكد د. عامر عن أهمية التركيز على مسألتين هامتين الأولى: لماذا
الانتخابات والثانية ماذا بعد الانتخابات. وهنا الإجابة عن المسألة
الأولى تتحدد بمحورين أساسيين هما:
المحور الأول:- الرغبة العراقية في أن تكون هناك انتخابات.
- الرغبة الدولية في أن تكون هناك انتخابات.
هاتين الرغبتين هما إجابة عن السؤال المتعلق بـ(لماذا الانتخابات).
المحور الثاني:- يأتي إجابة عن المسألة الثانية المتعلقة بـ(ماذا
بعد الانتخابات).
الإجابة تكمن في وجود نتائج إيجابية ونتائج سلبية. فالانتخابات هي
الخطوة الأولى ولا تعني تحقيق كامل للديمقراطية، كما أنها بنفس الوقت
خطوة إيجابية مهمة بالنسبة للشعب العراقي الذي حُرم لعقود طويلة من
انتخابات حرة ونزيهة. وهناك أربع محاور تتعلق بمرحلة ما بعد الانتخابات
ومتصلة بالرغبة العراقية هي:
1. فتاوى المرجعيات التي تنص على أهمية وجوب الانتخابات.
2. التظاهرات السياسية الكبرى المؤيدة لأجراء الانتخابات.
3. المضابط والعرائض التي أعدتها شرائح واسعة من الشعب العراقي.
4. الكثير من الندوات والحوارات المساندة للانتخابات.
كما أشار د. عامر الى أن قرارات أخرى صدرت عن مجلس الأمن متضمنة (حق
الشعب العراقي في أختيار نظامه ويرحب مجلس الأمن بتهيئة بيئة ملاءمة
لحماية أجراء الانتخابات) وأيضاً قرار رقم (1511) المتضمن (حق الشعب
العراقي في أن يؤكد مستقبله السياسي).
كما تحدث د. عامر أيضاً عن أن هناك إشكالية خلقتها الولايات المتحدة
في حربها ضد العراق وهذه الإشكالية تكمن في جعل العراق أن يكون نموذجاً
للمنطقة وهو ما يشكل تدخلاً صارخاً في الشؤون الداخلية للدول المجاورة
للعراق ويحمل رسالة تهديد واضحة لكل دولة في الشرق الأوسط. وتطرق د.
عامر في تحليله للسلوك العراقي في ضوء نتائج الانتخابات إلى دور
المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق وأشار إلى أن الخطأ كان
في إعلان المفوضية للانتخابات النتائج الأولية وهو ما ساعد على خلق
فوضى سياسية عارمة اجتاحت الشارع العراقي.
إما د. خليل أجاب: التسرع في إعلان نتائج الانتخابات ربما يكون هو
بمثابة قطع الطريق إمام الآخرين (المعارضين للعملية السياسية ومن
وراءهم قوى الإرهاب).
ثم يأتي المحور الاقتصادي المتضمن ورقة د. عبد الرسول (الفساد
المالي والإداري والعملية الانتخابية) الذي يتحدث فيه عن دور مفوضية
النزاهة ودورها في الانتخابات، إذ أشار إلى أن المفوضية لا تبت بقضية
ما إلا بعد أن تكون هناك شكوى رسمية والشكاوى التي قدمت سواء للمفوضية
العليا أو مفوضية النزاهة كانت شكاوى غير رسمية.
وفي تعليقه عن الفساد العراقي أشار إلى أن الفساد هو موروث من
العهد السابق بدليل أن الفساد في الستينات كان موجود في كل الأصقاع،
فالفساد كان قد جُذر في نظام البعث، كما أن الفساد الإداري ناتج عن
وجود ناس امتداد، فالفساد في السابق هو امتداد للفساد في الحاضر ويشير
إلى مسألة أخرى وهي عدم وجود نضج أيديولوجي في العراق، فنضج الناس أو
الجمهور أو المجتمع هو أكثر من نضج الأحزاب والقياديين بمعنى أن نضج
الناس متقدم على الآخرين لأنهم مدركين حقيقة المسألة الانتخابية
فالاعتراضات التي جرت بعد الانتخابات هي جزء من الفساد الإداري وهنا
يطرح د. عبد الرسول الحل يكون في ترصين العملية السياسية من خلال جعل
مصلحة الشعب هي العليا.
إما د. متعب فقد طرح المحور الاجتماعي من خلال ورقته (السلوك
العراقي ونتائج انتخابات 15 كانون الأول 2005) إذ قسم مناطق العراق إلى
ثلاث فئات، فهناك تآلف في مناطق الجنوب مثلته قائمة الائتلاف، وهناك
تحالف في الشمال مثلته قائمة التحالف الكردستاني، وهناك في الوسط
(بغداد) توافق مثلته جبهة التوافق العراقية. كما أشار د. متعب إلى بحث
مسألتين هما الولاء والانتماء وهل يمكننا الارتقاء بالولاء إلى مساحة
أكبر من الانتماء، فالذي يحصل في العراق هناك تحول أي بمعنى رجوع من
الولاء إلى الانتماء الطائفي والعشائري والمناطقي.
وأخيراً اتفق الباحثون على نقاط مشتركة شكلت قاسماً مشتركاً لمجمل
الآراء المطروحة والتي تفيد باعتبار الانتخابات خطوة أولى من خطوات
العملية الديمقراطية الصحيحة التي يمكن أن تؤسس لبناء وبالتالي تشكيل
دولة جديدة.
|