لا تزال إسرائيل تشن عمليات أمنية مختلفة طالت دول مختلفة واستهدفت عدة مدن وشخصيات لها دور فاعل في محور المقاومة، ومن ذلك الاستهدافات المتكررة لقيادات هامة في فصائل الحشد الشعبي في العراق، وعمليات طالت قيادات في حزب الله واخرها استهداف السيد فؤاد شكر المستشار والعقل العسكري لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، واستهدفت بالتعاون مع الولايات المتحدة وبريطانيا مواقع عسكرية استراتيجية لجماعة انصار الله الحوثيين في صنعاء التي هي الاخرى تشن هجمات بالصواريخ بين الحين والآخر، وتحاصر السفن التي يشك انها قادمة الى إسرائيل عبر البحر الاحمر، وفي التوقيت نفسه استهدفت إسرائيل منتصف ليلة الأربعاء 31 تموز 2024 رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والرجل الأول في الحركة السيد إسماعيل هنية في مقر اقامته في طهران بعد سويعات قليلة من مشاركته في تنصيب الرئيس الإيراني الجديد السيد مسعود بزشكيان ولقاءه عدد من الشخصيات الإيرانية ومنها المرشد الأعلى للنظام الإيراني مع ان إسرائيل لم تعلن حتى هذه اللحظة عن قيامها باغتيال هنية في ظل تأكيدات من طهران وحركة حماس على تحميل إسرائيل مسؤولية اغتياله.
من جهة ثانية لا تزال إسرائيل تواصل عملياتها العسكرية واستهداف المدنيين والصحفيين ومن ذلك استهداف مراسل قناة الجزيرة الصحفي إسماعيل الغول، والمصور رامي الريفي وذلك عندما كانا في تغطية صحفية للقصف الذي تعرض له بيت السيد إسماعيل هنية، الذي اغتيل في طهران ولا تزال إسرائيل تواصل عملياتها الاستفزازية التي تطال قيادات هامة إضافة الى استهدافها للمدنيين والصحفيين وما الى ذلك.
من هنا تعرض أسئلة هامة لا تقل خطورة عن خطورة العمليات التي تقوم بها إسرائيل في المنطقة وتداعياتها على امن دول المنطقة، ومن تلك الأسئلة: ماذا تستهدف إسرائيل من عملياتها؟ ولماذا لجاءت الى هذا التصعيد؟ وما الحسابات الأمنية والسياسية والدولية وراء عملياتها؟.
اولا: التصعيد الإسرائيلي وكسر قواعد الاشتباك الإقليمي
منذ عملية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر ردت حكومة نتنياهو بقوة على حركة حماس والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية وراح ضحية تلك العمليات الإسرائيلية عشرات الالاف من القتلى والجرحى أغلبهم من المدنيين ولا تزال إسرائيل مستمرة في عملياتها فيما ظلت المناوشات بينها وبين خصومها في لبنان وسوريا محدودة اذ حدد الطرفان حكومة نتنياهو من جانب، وحزب الله من جانب آخر قواعد الاشتباك ولم تتطور طوال الأشهر الماضية الى حرب مفتوحة او عمليات إسرائيلية تطال قيادات عالية المستوى من حزب الله، وقد اتسم السلوك العسكري لحزب الله بالمقابل بذات الموازين فلم يهاجم إسرائيل بالحدود التي شنها في حرب تموز 2006، من هنا كان الاعتقاد السائد بأن الطرفان لا تريدان فك قواعد الاشتباك التي حددت بعد حرب تموز، وظلت الصدامات محدودة وغالبها حدودية، ويبدو مع التصعيد الإسرائيلي الأخير ان حكومة نتنياهو تريد تصعيد حربها ونقلها من الحرب المحدودة الاشتباك الى الحرب المفتوحة متجاهلة كل التحذيرات الدولية من أمم متحدة، وإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن التي تشير التقارير الى انها لا تريد حرباً مفتوحة، وتوسيع مساحة الحرب.
ثانيا: ما وراء التصعيد الإسرائيلي في المنطقة
يبدو ان التصعيد الإسرائيلي يحمل في طياته أكثر من بعد ومن اهم هذه الابعاد نقل الحرب من اطارها المحلي الى اطر إقليمية على الأقل فهي لا يسكن لها قرار ما لم ترد بعنف على قيادات لها صدى كبير في محور المقاومة، من هنا تدخل عملية اغتيال السيد إسماعيل هنية وقيادات في حزب الله أمثال: السيد فؤاد شكر هذا من جانب.
من جانب ثاني، وهو الأهم يبدو ان رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي نتنياهو ليس فقط غير مقتنع بما تريده واشنطن من وقف الحرب، وانما يريد ان يجرها الى حرب إقليمية على الأقل في هذه المرحلة، وهذا ما يفسر عملية اغتيال السيد إسماعيل هنية في قلب العاصمة الإيرانية طهران التي اقل ما يقال عنها انها تمثل انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي فضلاً عن انتهاك لسيادة الدولة الإيرانية ونقل الحرب لها.
لكن في ذات الوقت، ان واشنطن تدرك مخاطر اهداف نتنياهو من جر واشنطن الى حرب إقليمية ومن ذلك انها ستمثل انتهاك آخر ستعانيه واشنطن على المستويات الأمنية والسياسية والاقتصادية لاسيما وإنها لا تزال تعاني من خوضها حروبا خارجية تحت عنوان الحرب على الإرهاب والتي شملت: العراق وأفغانستان.
ثالثا: تداعيات التصعيد الإسرائيلي في دول المنطقة
من المؤكد إذا ما تطور الصراع من حدوده الجغرافية داخل فلسطين الى مساحات إقليمية أخرى ستتأثر كل دول المنطقة بتلك الحرب خاصة الدول المعنية بالصراع مع الكيان الإسرائيلي او ما يعرف بمحور المقاومة وبالتأكيد ستكون خطوات هذه الحرب بعد ان اشعلت إسرائيل نيرانها بعمليات اغتيالات واستهدافات لمواقع عسكرية وامنية ومشاجب لخزن وتصنيع الأسلحة سترد إيران بصورة مباشرة او عبر الفصائل الموالية لها على إسرائيل بطريقة مباشرة ومن المعلوم ان هناك دول أخرى ستتضرر اذا ما اخذت قرارات تصب في صالح العمل العسكري الإسرائيلي ومن تلك البلدان دول الخليج فضلاً عن الأردن لكن ستكون دول العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن، حيث تعد هذه البلدان الأكثر تأثراً بالحرب لارتباطها بأجواء الصراع ما بين إسرائيل وحلفائها مثل الولايات المتحدة الامريكية من جانب وايران وحلفائها من جانب آخر، ومن المرجح ان تكون تأثيرات الحرب حتى على الجانب الأوربي لاسيما مع استمرار اشتعال الصراع بين روسيا من جانب والغرب وأوروبا وأوكرانيا من جانب آخر.
وأخيراً ان السياسات العدوانية التي تتعمد حكومة نتنياهو باستخدامها اتجاه دول المنطقة والانتهاكات المتواصلة لقواعد الاشتباك لاسيما باتجاه تلك الدول المساندة لحركة حماس التي تخوض صراعاً شرساً منذ شهر تشرين الاول/ أكتوبر ستحول دول المنطقة الى ساحة حرب إقليمية سيذهب ضحيتها مئات الالاف من المدنيين العزل وحان الوقت لإيقاف تلك السياسات عبر تعضيد قرارات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الرافض لسياسات إسرائيل او أي تصعيد يدمر امن ومجتمع واقتصاديات المنطقة.