فلسطين هي دولة غير عضو في منظمة الأمم المتحدة ولها صفة المراقب في هذه المنظمة وقد حصلت على هذا الوضع بموجب قرار اعتمدته الجمعية العامة بأغلبية كبيرة عام 2012 بموافقة 138 دولة ومعارضة 9 وامتناع 41 عن التصويت، وبعد اعتماد القرار سمحت الأمم المتحدة لفلسطين بمنح مكتبها التمثيلي للأمم المتحدة لقب (بعثة المراقبة الدائمة لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة)، والتي يعتبرها الكثيرون انعكاسا لموقف الأمر الواقع من الأمم المتحدة الاعتراف بسيادة دولة فلسطين بموجب القانون الدولي، وبدأت فلسطين في إعادة تسمية اسمها على الطوابع البريدية والوثائق الرسمية وجوازات السفر.
وقد أوعزت السلطات الفلسطينية أيضا إلى دبلوماسييها بتمثيل (دولة فلسطين) رسمياً وليس السلطة الوطنية الفلسطينية، وبالإضافة إلى ذلك قرر رئيس المراسم في الأمم المتحدة يوتشول يون، في 17 كانون اول 2012 أن تستخدم الأمانة تسمية (دولة فلسطين) في جميع وثائق الأمم المتحدة الرسمية، معترفة بدولة فلسطين بوصفها الاسم الرسمي للأمة الفلسطينية، وفي يوم الخميس 26 أيلول 2013 في الأمم المتحدة أُعطي محمود عباس الحق في الجلوس في مقعد الجمعية العامة المخصص لرؤساء الدول الذين ينتظرون أن يأخذوا المنصة ومخاطبة الجمعية العامة وان من بين الدول 193 الأعضاء في الأمم المتحدة، فإن 138 (71%) دولة اعترفت بدولة فلسطين حتى 30 تموز 2019.
ان الاتفاق بين الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن ضروري لقبول أي دولة عضو جديدة، اذ ان طلب عضوية الأمم المتحدة يُرسل إلى الأمين العام للأمم المتحدة ثم يُحال إلى مجلس الأمن والجمعية العامة ويقرر المجلس المكون من 15 عضو بقبول الدولة أم لا بعد أن تتداول لجنة قبول الأعضاء الجدد حول هذا الأمر، ثم يرسل قراره إلى الجمعية العامة المكونة من 193 عضوا ليحصل بدوره على اغلبية الثلثين لاكتساب العضوية بشكل نهائي وينص مـيثاق الأمم المتحدة على أن عضوية الأمم المتحدة مفتوحة لجميع الدول المحبة للسلام التي تقبل الالتزامات الواردة في هذا الميثاق والقادرة على تنفيذ هذه الالتزامات والراغبة في ذلك ويمكن للمجلس التصويت على مقترح الانضمام إلى عضوية الأمم المتحدة، ويجب أن يؤيد ذلك تسعة أعضاء على الأقل وألا يستخدم أي من أعضائه الدائمين (الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة -حق النقض-).
وفي 2 نيسان 2024 أرسلت فلسطين إلى الأمين العام للأمم المتحدة رسالة تطلب فيها تجديد النظر في طلبها للانضمام إلى عضوية الأمم المتحدة، وهو طلب كانت قد قدمته عام 2011 وبعد استلام الطلب، أحاله الأمين العام إلى مجلس الأمن الذي تناول هذه المسألة، وفي 8 نيسان في جلسة مفتوحة ووفقا للنظام الداخلي المؤقت للمجلس أحال مجلس الأمن الأمر إلى لجنته المعنية بقبول الأعضاء الجدد وفق المادة 59 من نظامه الداخلي المؤقت التي اجتمعت مرتين يومي 8 و11 نيسان، وفي يوم 19 نيسان الجاري اجتمع مجلس الأمن الدولي للتصويت على مشروع قرار جزائري يوصي بقبول دولة فلسطين عضوا في المنظمة وصوت لصالح القرار 12 عضوا من بين أعضاء المجلس الخمسة عشر، وعارضته الولايات المتحدة وامتنعت عن التصويت المملكة المتحدة وسويسرا ولأن الولايات المتحدة الأمريكية من الدول الخمس دائمة العضوية بالمجلس فإن معارضتها في هذه الحالة تعد استخداما لما يُعرف بحق النقض أو الفيتو الذي حال دون اعتماد مشروع القرار رغم تصويت غالبية أعضاء المجلس لصالحه.
ان من شأن قبول عضوية دولة فلسطين بالمنظمة العالمية سيجعلها دولة خاضِـعة لاحتلال دولة مجاورة، وبذلك يمكن المطالبة بتحريرها كما حدث مع الكويت عندما احتلّـت أراضيها قوات عراقية، وكذلك سيمكن لدولة فلسطين إقامة دعاوى قضائية على أكبر المسؤولين في إسرائيل مثل نتنياهو وليبرمان وباراك وباقي الجنرالات أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية، بل سيمكن للفلسطينيين ولأول مرة المطالبة بوقف الاستيطان وإزالة المستوطنات باعتبارها انتهاكا لقوانين جنيف، كما سيمكن للفلسطينيين إقامة دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم إبادة للشعب الفلسطيني وطلب عقد جلسة طارئة لإصدار أمر من المحكمة بوقف كل الممارسات الإسرائيلية في هذا الصدد، كما أن العضوية ستحول كل الفلسطينيين في الخارج أوتوماتيكيا إلى مواطنين ورعايا للدولة الفلسطينية، بما يترتب على ذلك من حقوق لهم في التنقل والسفر والتمتع بالحماية، وكذلك حق العودة إلى وطنهم، وفي حقيقة الأمر فإن منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيغير قواعد لعبة السلام في الشرق الأوسط، فلن يضطر الفلسطينيون بعد ذلك إلى استجداء إسرائيل أو الولايات المتحدة للحصول على دولتهم، فبعد اعتراف المجتمع الدولي بدولة فلسطين على حدود عام 1967 كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة، سيكون الطريق أسهل إلى حل الدولتين، حيث ستكون المفاوضات حينئذ بين حكومتي دولتين، إحداهما فرضت احتلالها لأراضي الأخرى بالقوة المسلحة، ويمكن عند التفاوض الاتفاق على أسس الانسحاب وضمانات الأمن بين دولتين عضوتين في الأمم المتحدة في إطار معاهدة سلام، وفق قواعد القانون الدولي، وليس الإملاء الإسرائيلي بفعل عدم وجود توازن في القوة بين الطرفين.
ان استمرار عجز مجلس الامن عن اتخاذ قرار بقبول عضوية فلسطين سوف يمكن الفلسطينيين استخدام القرار رقم 377 المعروف بأسم (الاتحاد من أجل السلام) والذي يتيح للجمعية العامة للأمم المتحدة الالتفاف حول الفيتو الذي تستخدمه إحدى الدول دائمة العضوية، لعرقلة قرار المجلس فيما يخص السلام في العالم وكانت الولايات المتحدة الامريكية هي نفسها من طلب ادراج مشروع هذا القرار في تصويت الجمعية العامة عام 1950 من اجل الوقوف ضد الفيتو الذي كان يلجأ اليه الاتحاد السوفيتي السابق وقد استخدم قرار الاتحاد من اجل السلام اربع مرات وجميعها متعلقة بالاحتلال الإسرائيلي ومنها انه بعد فشل مجلس الامن عام 2017 باتخاذ قرار ضد تغيير وضع القدس واستعمال أمريكا حق النقض مما جعل الجمعية العامة تصوت لصالح قرار يدعو لعدم تغيير طابع مدينة القدس الشرقية او مركزها او تركيبها الجغرافي.
وبذلك يمكن للجمعية العامة قبول دولة فلسطين على أساس حدود 1967 كعضو كامل العضوية بأغلبية ثلثي الدول المشاركة في التصويت بدون الحاجة الى موافقة مجلس الامن، ولن يكون ذلك أمرا صعب المنال إذا استغل الفلسطينيون حجم التأييد والتعاطف الكبير للدول معها في حقهم في تقرير المصير وخاصة ان الولايات المتحدة الامريكية باستخدامها لحق النقض في قرار مجلس الامن الأخير اظهر عزلتها وانحيازها غير العادل لصالح إسرائيل في ظل حصول شبه اجماع دولي لقبول العضوية الكاملة لفلسطين من اجل تسهيل حل الدولتين وبما يحقق السلام في الشرق الأوسط.