ناقش مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية وضمن نشاطاته الفكرية الشهرية موضوعا حمل عنوان (السياسة بين المصالح البرغماتية والأخلاق الإنسانية)، بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية، وبعض الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية والصحفية في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي عقد بمقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، قدم الورقة النقاشية وأدار الجلسة الحوارية الاستاذ الدكتور صلاح البصيصي/ باحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية، وابتدأ حديثه قائلا:
"هناك علاقة عكسية بين البراغماتية والأخلاق، فالمصالح البراغماتية تزداد وتنمو مع قلة او عدم الالتزام بالأخلاق والعكس صحيح أي كلما تم الالتزام بالأخلاق الإنسانية لم تحقق المصالح البرغماتية أهدافها النفعية برمتها.
تعود كلمة براغماتية إلى (pragma) وهي كلمة يونانية وتعني القضية أو العمل أو الممارسة، وهي مذهب فلسفي يقرر ان العقل لا يبلغ غايته الا اذا قاد صاحبه الى العمل الناجح والفكرة الصحيحة هي الفكرة الناجحة والتي تتحقق بالتجربة وبذلك فإن معيار تقييم الأفكار هو النتائج العملية ومدى الاستفادة منها، فمعيار التفاضل بين الأفكار والسياسات هو قابلية تطبيقها العملي، ومدى تحقيقها للغاية المرجوة، وهي لا تولي المبادئ والأخلاق والعقيدة أي اهتمام، وتولي الخبرة والعمل اهتماما أكبر فهي تتعامل مع المشكلات بطريقة عملية بدلا من الاعتماد المجرد على المبادئ والنظريات.
وتسمى البراغماتية بالذَّرائعية أو فلسفة الذرائع أو البرغماتية أو العملانية أو المذهب العملي وهي تقليد فلسفي بدأ في الولايات المتحدة حوالي عام 1870 وبالتالي فهي تعود بجذورها الى ماضيهم وظروفهم الاجتماعية الخاصة وخاصة بعد الحرب الاهلية بين الشمال والجنوب وسعي المهاجرين الأوروبيين الى بناء مجتمع جديد مجرد من التاريخ ويهتم بالمستقبل ويعلي القيم الفردية على حساب القيم المجتمعية وغالبا ما تُنسب أصولها إلى الفلاسفة تشارلز ساندرز بيرس وويليام جيمس وجون ديوي وتسعى البراغماتية للمعرفة، وتلبية ما يحتاجه البشر باعتباره ضرورة ملحّة أكثر من معرفة المفاهيم، فهي تؤكد على المنفعة، وتُعارض المبادئ والقيم، وتهتم بقوة الإنسان جنبًا إلى جنب مع تعزيز الديمقراطية، وتهتم بالعلم الذي أساسه التجربة، كما أنها تنادي بالتعددية وترفض القيم والعادات الاجتماعية.
وتُعرّف البراغماتية في السياسة بسعي السلطات العملي لتحقيق نتائج وأهداف مُحددة، وتقوم بتسويغ السياسات التي اتبعتها بناءً على النتائج العملية الناجحة وغالبًا ما تتم الدعوة إلى البراغماتية تحت بنود حماية الشعب وتوحيده، لكنها في الواقع تعزز القيم الفردانية للأفراد، وتغيّب الأخلاق عن السياسة.
توجه إلى البراغماتية انتقادات عديدة، فهي توصف غالباً بأنها فلسفة انتهازية لا تلتزم بمبدأ معين إلا المنفعة، ومن أهم المساوئ التي تؤخذ عليها ما يلي:
1- تؤدي البراغماتية إلى التنافر بين الناس وعدم انسجامهم في سلك المجتمع، لأن كل فرد سينتقي لنفسه الرأي الذي ينفعه بغض النظر عما يتخذ سواه من آراء، فهي فلسفة تعتمد على مزاج الإنسان ومنفعته الشخصية.
2- تبالغ البراغماتية في احترام حرية الإنسان الفردية وتقديمها على القيم الدينية والأخلاقية، مما أدى إلى انتشار الإباحية والرذيلة، فهي لا تؤمن بالمجتمع الإنساني بل تؤمن بالفرد ومصالحه.
3- تفتقر البراغماتية إلى الموضوعية في بحثها عن الحقيقة، لأنها تخضعها لعامل المنفعة الشخصية، فتطبيقها في مجال العلم يعني أن القضايا العلمية لا تصبح حقيقية إلا بكونها مفيدة عملياً، وهذا ينسف الحقائق العلمية من أساسها ويناقض الموقف العلمي تماماً.
4- لا تستثني البراغماتية في سبيل تحصيل المنفعة أي وسيلة مهما كانت قذرة، ونرى مصداق ذلك باستعراض تاريخ السياسة والاقتصاد ومنهج الحياة المتبع في الحضارة الغربية عامة والأمريكية خاصة.
5- تتميز البراغماتية بأنها فلسفة لا أخلاقية رغم تقيدها ببعض الفضائل كالأمانة والانضباط والدقة ومراعاة المواعيد، فهذه الفضائل ليست مقصودة لذاتها؛ بل تفيد البراغماتي في تعامله مع الغير من باب المنفعة فقط وان الصدق واجتناب الكذب تكون مقبولة اذا لم تشكل عقبة للوصول الى الهدف.
لقد عُرف عن رئيس الوزراء البريطاني الشهير ونستون تشرشل، أنه كان دائم السخرية من الذين يريدون دائماً ربط السياسة بالأخلاق، حتى إنه حينما زار الهند وقام بزيارة قبر غاندي، قرأ عبارة مكتوبة عليه: «هنا يرقد رجل نبيل وسياسي عظيم»، فقال ساخراً: "عجباً كيف يرقد رجلان في قبر واحد"! وبالطبع كان يقصد أن الأخلاق والسياسة لا تجتمعان في قلب واحد!، ولذلك فان هناك من يفرق بين السياسة والأخلاق، ويقول إن السياسة لا أخلاق لها، ولا عواطف، بل هناك من يعتبر السياسيين أناساً يتخذون من البراغماتية طريقاً للمسير في أداء أدوارهم، وهذا الكلام غير دقيق على علاته وهناك من يربط السياسة بسوء الأخلاق، وقطعاً هذا غير صحيح ايضا، ففي تاريخنا القديم والمعاصر تبرز شخصيات اتخذت من الأخلاق طريقاً لممارسة العمل السياسي، ولعل أشهرهم غاندي، ونيلسون مانديلا، حيث أصبحا من الشخصيات التي تضيء للإنسانية مفهوم العمل الإنساني النبيل وفي تاريخنا العربي الإسلامي نماذج مضيئة، في مقدمتهم نبينا محمد صلى الله عليه وآله، الذي تجلت عبقريته السياسية في صلح الحديبية، حيث أثبت عليه الصلاة والسلام، أن الأخلاق والحصافة السياسية قد تجتمعان، وأيضاً الامام علي عليه السلام الذي كان نموذجاً مشرفاً في القيادة الأخلاقية، ويعتبر مؤسس المدرسة الأخلاقية في السياسة، فرغم وجود السياسي الانتهازي فان هناك أيضا سياسي ملتزم ومنسجم مع نفسه وأخلاقه، ويلتزم بوعوده، ويتحمل في سبيل ذلك الوفاء كثيراً من الضغوط، وفي تجاربنا القديمة والحديثة رأينا سياسيين أدخلوا السجون، ومنهم من حورب في رزقه، واتهم في وطينته، ومنهم من نُفِي وعليه فان العمل السياسي يغدو راقياً إذا اختلط بنبل الأخلاق والإنسانية.
البرغماتية مذهب نفعي يضر اكثر مما ينفع فهو قائم على الانانية ومصالح الافراد على حساب مصالح المجتمع وإذا نظرنا إلى البراغماتية بمنظور إسلامي فسنجد خللاً واضحاً في رؤيتها يدفع إلى رفض نظرتها القائمة على النفعية، فهي تغض الطرف عما يمكن أن يجلبه السعي اللاهث وراء المنفعة من كوارث على البشرية، وتتناقض تماما مع أبسط بديهيات الإيمان، اذ يتميز المجتمع الإسلامي بالإيثار وحب الخير للآخرين، فالمؤمن لا يتم إيمانه حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وقد يضحي بمنافعه الشخصية في سبيل مصلحة أمته وسعادتها؛ بل يحث الإسلام على التضحية بالنفس والمال أيضاً لبلوغ أعلى الدرجات، وهذا أمر تفتقده المجتمعات البراغماتية، فحتى لو حثت على التضحية فإنها تضعها في إطار المنفعة ولذلك لا تؤمن البرغماتية بوجود جانب روحي غير مدرك بالحواس، وتنكر القيم الثابتة وان القيم فيها وسيلة لغاية، اما القيم في الإسلام فهي ثابتة واصيلة ومصدرها القران والسنة النبوية الشريفة وتراث اهل البيت عليهم السلام.
وللاستزادة من الآراء والمداخلات حول الموضوع تم طرح السؤالين الآتيين:
السؤال الاول: هل تنجح فعلا السياسة البرغماتية في تحقيق المصالح المستهدفة؟
السؤال الثاني: كيف يمكن أن تستفيد السياسة من الأخلاق لتحقيق المصالح؟
المداخلات
الدكتور محمد مسلم الحسيني/ باحث واكاديمي:
تباينت الرؤى بين فلاسفة السياسة وصانعيها في كنه العلاقة الجدلية بين السياسة والأخلاق إلى الحد الذي يرى فيه البعض أن السياسة متجردة من الأخلاق ومنفصلة عنها، وهذا على نقيض رؤى البعض الآخر الذي يرى أن السياسة جزء لا يتجزأ عن الأخلاق ولا يمكن الفصل بينهما، من أجل رصد مواقع الاختلاف في المفاهيم بين الطرفين ومن أجل البحث بهكذا موضوع حساس وهام وخصوصاً بوقتنا الحاضر، فلابد من وضع تعريف بسيط لكل من المصطلحين وإيجاد العامل المشترك بينهما كي يتبين وجه الصلة وطبيعة العلاقة القائمة عندهما، تعرف السياسة بأنها "سبل قيادة الجماعات البشرية وتدبير شؤونها من أجل خيرها ومنفعتها"، وتعرف الأخلاق بأنها "القيم والمثل الصالحة التي يجب أن يتحلى بها الفرد من أجل صناعة الخير وتجنب الشر".
من خلال تعريف المصطلحين نستنتج بأن العامل المشترك بينهما هو صناعة الخير، أي أن الهدف المشترك لكل منهما هو جلب الفائدة والصلاح للمجتمع، رغم التشابه بالهدف فهناك نقطة تباين بين المفهومين تكمن في أسلوب وطريقة كسب الخير وتحصيل الفائدة، هذا التباين سواء أكان في عموميات الأسلوب أو خصوصياته أو في طبيعته ونوعيته. من أجل فهم هذه المفارقة وهذا التباين لابد من تصنيف السياسة طبقا لطبيعة ارتباطها بالاخلاق إلى الصنوف الأربع التالية:
أولا/ السياسة اللا أخلاقية: هي أسلوب سياسي متجرد عن القيم الإنسانية يتبنى سبل القوة والقهر وفرض الإرادة في سبيل تحقيق الفائدة والهدف، هذا الأسلوب السياسي يرفع شعار الغاية تبرر الوسيلة وان مقتضيات الضرورة لا تخضع للقانون، اي إباحة كل الأساليب والسبل لتحقيق الغاية والوصول إلى الهدف بغض النظر عن الاعتبارات الأخلاقية والمثل الإنسانية، تبنى هذا المفهوم المفكر السياسي مكيافيلي كما بين ذلك في كتابه (الأمير)، وانتهجه فكرا وتطبيقا ادولف هتلر المستشار الألماني الأسبق، كما انتهجه زعماء سياسيون آخرون امثال؛ موسوليني وفرانكو وستالين وغيرهم. نهج حكومة إسرائيل المتطرفة المتربعة على السلطة حالياً هي مثل صريح وواضح في أسلوبها السياسي اللا اخلاقي!.
ثانياً/ السياسة الأخلاقية غير المشروطة: هي سياسة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بعرى الأخلاق وثوابتها، سواء أكانت هذه الأخلاق ظرفية سائدة معتمدة على الأعراف المجتمعية والقيم، أو أنها أخلاق منبعثة عن أصول عقائدية راسخة في المجتمع، هذه السياسة الأخلاقية البحتة هي وجود نظري في أغلب الأحوال تسعى لها المجتمعات عامة لكن لا حقيقة ملموسة لها على أرض الواقع إلا ما ندر! من ينتهج الأسلوب الأخلاقي الخالص في تعامله السياسي سيصطدم دون شك، بصخور الشر المتراكمة حوله فتشل حركته وتستنفذ إرادته وتضعف قواه!. السياسة الأخلاقية الحقة حلم تحقق نظريا في الدولة الفاضلة لدى أفلاطون وفي أدبيات ابن خلدون من خلال كتابه (المقدمة) وفي مقولة ابو حامد الغزالي "الدين والسلطان توأمان"، أو أنها حصلت بعيداً في عمق التاريخ وفي لمحات قصيرة مستعجلة!. في عصرنا المتأزم هذا قد يستحيل التكهن بانبعاث سياسات أخلاقية غير محصنة.
ثالثاً/ الازدواجية والنفاق السياسي: وهي سياسة مغالطة وذر الرماد في العيون، حيث يرفع السياسيون شعارات مغلوطة في القيم والأخلاق والإنسانية وحقوق الإنسان، وما هي إلا حيلة وخداع، أما الفعل على الأرض وفي واقع الحال فإنه يتناقض تماما مع هذه الشعارات المرفوعة ولا يتوافق معها جملة وتفصيلا. هذا النفاق السياسي يصاحبه ازدواجية المعايير والتصرف، يتجلى ذلك في تصرفات السياسيين الذين تتناقض أفعالهم بتناقض الزمان والمكان وبتباين الأهداف والمواقع والاحوال، فكم من مرة يعكسون الآية فيدينون المظلوم ويبكون على الظالم، وكم من مرة يحللون الحرام ويحرمون الحلال حسب احتياجاتهم واراداتهم وميولهم ومصالحهم، واقع عالمنا اليوم مليء بالأمثلة والافعال المشينة التي تندرج تحت هذا الفصل وهذا العنوان.
رابعاً/ السياسة الأخلاقية المحصنة بالحزم: إلتزام الدولة بالسياسة الأخلاقية المبنية على العدل والحياد والتسامح والاستقلالية والنهج الصحيح في إدارة الدولة أو في التعامل مع المحيط الخارجي لها، قد يعرضها إلى مصاعب وتحديات واخطار حد الهلاك! هذه المتاعب قد تكون نابعة من منشأ داخلي من داخل المجتمع او من مصدر خارجي، حيث سيفسر صلاح النهج وصدق الأخلاق بالضعف والهوان وسيستغل الموقف لتمرير اجندات خاصة. لابد للدولة المنتهجة للسياسة الأخلاقية الحقة أن تحصن نفسها بالعزم والتحضير والتأهب لدرء مخاطر المتصيدين بالماء العكر والذين لا تروق لهم رؤى الصلاح والإصلاح والاستقلالية لدى الغير، السياسة الأخلاقية الحازمة والمتحصنة بالقوة والانتباه هي الانجع والاصلح والاسمى عطاء في عالمنا اليوم وهو عالم التناقضات والشرور، وهي ردة فعل مناسبة في عالم تغزوه السياسات اللا اخلاقية.
من خلال هذا التصنيف البسيط للسياسات المعاصرة، نستطيع الاستنتاج بأن الصلة بين السياسة والأخلاق هي صلة أساسية متكاملة وثنوية ضرورية ومتلازمة لابد منها. السياسة المجردة من الأخلاق هي سياسة بدائية عشوائية ضالة تسعى إلى استخلاص الفائدة من أركان الشر وعلى حساب ايذاء الاخرين، وهذا سلوك منافي لناموس البشرية ومخالف لروح الإنسانية، والسبيل الناجع في السياسة والحكم هو السبيل الممنهج والمماهي للسيرة النبوية في الحكم القائم على دمج الأخلاق المنبعثة عن الإيمان الصادق مع السياسة السامية إلى مكارم الأخلاق.
الاعلامي كمال عبيد- مدير تحرير شبكة النبأ المعلوماتية:
اصبح الإعلام احد أقوى الأسلحة الناعمة لأنه طريقة السياسية البرغماتية إذا وظفت في الإعلام عبر مثلا الخطاب السياسي او عبر صناعة الرأي العام او عبر صناعة الأفكار ولان الإعلام اليوم في الدول المتقدمة اصبح يعتمد على صناعة الأفكار وليس مجرد وظائف أخبارية، فالخطورة هنا تكمن في استخدام أساليب الحرب النفسية والأخطر منها هي الدعاية التي فيها وأساليب كثيرة منها التسميم السياسي وغسيل الدماغ، كل هذه المفاهيم والمصطلحات والأفكار هي تدخل ضمن استخدام السياسة والمصلحية والبرغماتية، والصورة واضحة هي مصلحة ذاتية الخطورة انه هي تحققها المصالح المستهدفة إذا استخدمت مبدأ الغاية تبرر الوسيلة وهذا احد اركانها او احد مبادئها الأساسية، لذلك سياسة البراغماتية تنجح بتحقيق الاهداف المستهدفة اذا ما وجهت بصورة صحيحة وحددت المستهدفين والمستفيدين منها.
د. خالد العرداوي- مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية:
لا يزال هذا الموضوع مثار للجدل ويمكن انه نقترب اكثر إذا ربطناه في مدرسة أخرى او مدرسة واقعية السياسة، والمدرسة الواقعية في السياسة تقوم على مركزيين أساسيين هما القوة والمصلحة، وهنا يتبادر سؤال ملفت ما هي المصالح وما هي الأخلاق؟ الاخلاق نفسها تؤدي الى مصلحة والمصالح تؤدي الى اخلاق معينة، وبالنتيجة هذه المصالح والأخلاق هي مفيدة فيما يتعلق في السماء، فالبراغماتية وضعت على انها هي النقيض والمعارض المناقضة للأخلاق، نعم يمكن للبرغماتية أن تنجح وهذا يعتمد على طبيعة المصالح إذا كانت المصلحة أحيانا هي مصلحة غير مشروعة تلقائيا.
أنا أعتقد السياسة بلا أخلاق تؤدي إلى عواقب وخيمة حتى الطغاة عندهم قيم خلقية معينة وللاسف عندنا قيم أخلاقيا منحرفة، فالبراغماتية هي فلسفة جيدة والدليل على هذا نحن نلاحظ الولايات متحدة الأمريكية استطاعت تهيمن العالم ليس فقط في قوتها العسكرية، واقعهم اليوم في المدارس والجامعات من أفضل النظم التعليمية وكذلك القانونية، نعم هنالك جانب سلبي في حياتهم وهنالك جانب إيجابي وفي السياسة الدولية اذا انتزعت الاخلاق منها لا تبقي معنى لها تفقد السياسة معناها كسياسة وفق اللغة العربية هي القيام على الأمر بما يصلحه فإذا نزعت منها السياسة لن تكون أمرا ما يصلحه سوف يكون البديل هو التهذيب.
الشيخ مرتضى معاش، باحث في الفكر الاسلامي:
المصالح هي ما تؤدي إلى الصلاح وما يصلح الامور يؤدي إلى الصلاح، وهذا هو المقصود من المصالح وأي أمر يؤدي إلى الفساد فهو ليس من المصالح وإن كان ظاهره المصلحة او يتلبس بها، فهو لا يعتبر من المصالح الواقعية حيث لايكون مؤداه الصلاح. وهذا الإطلاق يشمل كل ما يرتبط بالبشر ولا يمكن لأي دولة أو حكومة تدعي أن مصلحتها اهم من مصلحة الدول الأخرى أو الشعوب الأخرى فهذه ليست مصلحة وليست من الإصلاح بل هو من الفساد هذا أولا.
والامر الثاني للأخلاق قيم مطلقة ولا يمكن أن تكون الأخلاق قيم نسبية فالصدق مطلق، والكذب مطلق، والعدل مطلق، كما انه ليس هنالك عدل نسبي ولا كذب نسبي ولا مفاهيم نسبية، والا فما فائدة قواعد اللعب النظيف التي يمكن ان يلعبها الإنسان بصدق في الحياة، فإذا كانت الأمور نسبية سيصبح كل إنسان له قواعده الخاصة في الحياة، فمعنى النسبية هو انه ليس هناك اتفاق على أي قاعدة، فتصبح النسبية منشطرة الى مليارات من الحقائق المفتوحة على أي تأويل. فالنسبية هي من احابيل الشيطان التي يتم استخدامها من اجل تبرير الشر والفساد وأي أمر ليس فيه صلاح. لذلك فان الحقيقة مطلقة وإذا لم تكن الحقيقة مطلقة معناها لا يوجد أي شيء حقيقي على أرض الواقع وهذه سفسطة تؤطر بلفظ ملتبس وهو النسبية كما يقول بعض الفلاسفة فالسفسطة تعني أن كل شيء ليس له حقيقة ليس له واقع. وهذا الكلام ينطبق على البراغماتية التي تسمي نفسها بـ الواقعية ولكنها ذرائعية خلاف الواقع ولا تستهدف تطبيق الواقع أو الوصول للواقع، إذا كان هذا المعنى من ناحية المصطلحات الواقعية والبراغماتية هدفها نتائج سريعة ومنفعة ولذات آنية وفوائد عاجلة وتنظر إذا الى ما قد تحققه نتائج المستقبل، وأزمة الرأسمالية ومرضها الداخلي المزمن هو براغماتيتها وواقعيتها، فهي تريد تحقيق أرباح قائمة على المنافسة والنمو الاقتصادي وارتفاع أسعار الأسهم دون أن تنظر إلى نتائج المستقبل وتداعيات سلوكيات الشركات النفعية، فلا تكترث الى تلوث المصانع ورمي النفايات الكيمياوية في الأنهر والبحار وزيادة ثاني أكسيد الكربون وأزمة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية.
ومن الأمثلة على البرغماتية الرأسمالية هو مشكلة الشركات الأمريكية التي نقلت مصانعها إلى الصين من أجل تعظيم الأرباح من خلال تخفيض التكاليف عبر الاستفادة من العمالة الاسيوية الرخيصة جدا، لكن هذا التفكير النفعي ذو النتائج السريعة أدى خلق ازمة كبيرة داخل الولايات المتحدة ظهرت نتائجها بعد 30 سنة وهو تردي مستوى العمالة الامريكية والعجز في ميزان الصادرات لصالح الواردات مما حقق تفوقا صينيا على أمريكا في التجارة والتكنولوجيا والمهارات، فقد عظموا أرباحهم ولكن ذلك أدى الى تدمير مجتمعهم وارتفاع في مستوى الايدلوجية الشعبوية التي اخذت تنادي برجوع الشركات الامريكية الى معاقلها الوطنية.
ومن الأمثلة السياسية القنبلة النووية التي ضربت اليابان حيث ادى هذا الامر الى إطلاق سباق تسلح نووي لا مثيل له خطير جدا وضع العالم على حافة صدام نووي الذي يقترب قليلا فقليلا من الانفجار بسبب الذرائعية التي لا تفكر في المصالح الإنسانية الكبرى، مما يعني يوجد تلاعب بالقواعد والقوانين بحسب نسبية المصالح التي تحكم البراغماتية والواقعية، حيث كل جهة تنظر إلى العالم من زاويتها الضيقة وقواعدها الخاصة حتى لو اقترب العالم نحو الصدام والحروب العالمية الأولى والثانية شاهد على ذلك.
اما التلاعب الموجود عند بعض السياسيين وخصوصا الإسلاميين الذين يدعون ان هدفهم هو تطبيق المبادئ الإسلامية ولكنهم يطبقونها من قواعدهم الخاصة حتى لو أدى ذلك الى التناقض مع حقيقة المبادئ الإسلامية، وهذا يشمل كل تفكير يتمحور حول السلطة، وهذا التلاعب يسمونه ذكاء سياسي، ولكنه في واقعه هذا ذكاء شيطاني وليس عقلا، حيث سأل الامام الصادق (عليه السلام)، مَا الْعَقْلُ؟ قَالَ: (مَا عُبِدَ بِهِ الرَّحْمنُ، وَاكْتُسِبَ بِهِ الْجِنَانُ). قَالَ: قُلْتُ: فَالَّذِي كَانَ فِي مُعَاوِيَةَ؟ فَقَالَ: «تِلْكَ النَّكْرَاءُ، تِلْكَ الشَّيْطَنَةُ، وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالْعَقْلِ وَلَيْسَتْ بِالْعَقْلِ).
فالعقل يدل على قواعد ومبادئ ثابتة وغير متغيرة، وبالتالي يدرك معنى المصالح ومقاصدها وغاياتها. لذلك فإن البراغماتية نقيض المصالح لأنها تؤدي إلى تدمير المصلحة تدريجيا إلى أن تصل إلى ان مصلحته الحزبية فوق مصلحة الشعب وبعدها تتضيق فتكون المصلحة الفردية الشخصية فوق المصالح الأخرى وقد تؤدي للدكتاتورية المطلقة المتمحورة حول طاغية فتكون مدمرة. كذلك تعتمد البرغماتية على الغرائز وليس على الحكمة والعقل فتكون منفلتة وجامحة وليس لها حدود مثلما نراه في استغلال شبكات التواصل الاجتماعي للأطفال والمراهقين وايصالهم الى مرحلة الإدمان الخطير، وهذا سببه ان النظام الرأسمالي يتمحور حول مصالح الشركات وأصحاب الأسهم.
اما كيف يمكن أن تستفيد السياسة من الأخلاق لتحقيق المصالح، فإن الاخلاق هي قواعد إنسانية مشتركة يمكن من خلالها ممارسة قواعد اللعب النظيف، حيث يمكن ضمان الثقة في تحقيق المصالح العامة، التي تنبعث من التفكير العقلاني وليس الغرائزي، فالمستقلات العقلية مثل حسن العدل والصدق والأمانة، وقبح الظلم والكذب والخيانة هي قيم فطرية مطلقة لاتصبح نسبية في أي مجتمع كان، وان تحولت نسبية فهي غرائزية تتبع المصالح الخاصة وتتحول الى تدميرية.
الاستاذ صادق الطائي/ كاتب وباحث:
البرغماتية مذهب فلسفي قائم على المصلحة والمنفعة الشخصية، ومن المذاهب المعتبرة المعمول بها وظهرت في القرن التاسع عشر في الولايات الامريكية ويمكن القول نمو الرأسمالية وتزايد الفكر الرسمالي والتوسع بالعمل والمعامل وصالات العرض وزيادة الارباح والبحث عن المصلحة هي الاساس في الفكر البرغماتي، هنا السياسة تقف عاجزة عن تحقيق الاخلاق الحميدة لدى الفرد، باعتبار ان الاخلاق امراً شخصيا ليس فيه منفعة او مصلحة عامة من هنا يعتبر الاخلاق شىء خيالي وغير مهم وعملي في المبادئ البرغماتية المطلوب تمثيل مصلحة ربحية عامة ذات اطار ونفعية عامة ليست خيالية وفردية محدودة، المطلوب مصلحة عامة مادية او انتاجية تخص المجموع، ليس افكار خالية من منفعة تذكر والا تتحول الى فكر من السفسطة والفراغ لا ينفع ولكن الشيء المثير هو الفكر الديمقراطي وتقاليد الانتخابات والتقاليد الانتخابية فقط لاوروبا لانهم شعوب قابلة وقادرة على التطور والارتقاء عكس الشعوب الاخرى، الشيء الاخر انها لا تؤمن بالثوابت مثل الاخلاق او الدين او القيمّ الفكرية، البعض من الكتاّب يقول الفكر البراغماتي هو فكر أمريكي بحت يمثل الفكر والاخلاق والقيمّ التي تعمل وتؤمن بها أمريكا، مجرد نظرة بسيطة وواحدة على ما يمر بغزة من ظروف غير انسانية وغير طبيعية بأن عمق الجريمة والظلم والعدوان يعيش بين طيات الفكر البرغماتية.
اذا لا تنجح البرغماتية ولا يمكن لها ان تحقق المصالح لخدمة الجماهير بل تحاول ان تستعمر الدول وتزيد من معاناتها وتسرق وتستغل نقاط ضعفها، وموقف الفكر البراغماتي من الاخلاق والعمل والانتاج والربح هو الميزان والفيصل المعتمد، يقولون (دعة يعمل دعه يمر) حتى اذا كان من خلال التجاوز.
الحقوقي احمد جويد/ مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات:
هناك فرق كبير بين السياسة البراغماتية مع الاخلاق الانسانية وممكن بشكل بسيط لو رجعنا للتاريخ نجد سياسة قائمة على المصالح الشخصية مصالح تبدأ من تأسيس حزب سياسي غايته ان يصل إلى الحكم بأي وسيلة يعني بعض الأحزاب عندهم الغاية تبرر الوسيلة فهم بعيدون عن الاخلاق، في تاريخنا الإسلامي يوجد الكثير من الامثلة فهناك شخصيات تدعي الاسلاموية عندما دخل الرسول (صلى الله عليه وسلم) للمدينة بدأوا بالنفاق بعد اعلان اسلامهم مع انهم في قلوبهم مشركون، وبعض الشخصيات الذين نعتبرهم قادة ولهم تاريخ في المسيرة الإسلامية دخلوا الإسلام براغماتيين لانهم لاحظوا ضعف شوكة المشركين وازدادت قوة شوكة المسلمين واليوم هم رموز تاريخية، أما الأخلاق يمثله شطر آخر إذا كانت مصلحة الناس هي السلام والأمان، فالسلام هو مصلحة عامة كما في حال الموارد الطبيعية هي مصالح للكل لكن بعض الجهات السياسية أو الدولية تتعامل في قطع الماء عن شعوب أخرى يعتبرونه من براغماتية المنافع أو غيرها هذا بحد ذاته لا يمت للاخلاق ولا للإنسانية في شيء، فالفرق كبير وواضح إذا تدخلت البراغماتية في السياسة تصبح الامور مدمرة، كما تم تدمير النهج المحمدي في قضية المنافقين الذين دخلوا في الإسلام لأغراض سياسية وبعدها استخدموا اسم الإسلام بقيادة الدولة الإسلامية وقدمت نتيجة تأريخية كارثية على الشعوب الإسلامية وحتى على المنهج الصحيح.
الشيخ الحسين أحمد كريمو/ باحث وكاتب:
المشكلة الكبرى في هذا العصر تكمن في اختلاط المفاهيم وتداخلها في بعضها البعض وعدم وضوحها لأنه كل بلد أو شخص يعطي مفهومه للمصطلح وما يعنيه فيه، وخاصة في المفاهيم الإنسانية وبالخصوص مفهوم ومصطلح السياسة، ولذا نجد أن مفهوم السياسة صار هلامياً وكل يعطيه التعريف والمعنى الذي يقصده أو يحبه ويفضله، فالسياسة في تعريف القوي والإمبراطورية الأقوى الآن: هي الخضوع للعولمة التي تريدها والسياسة التي تفرضها على الضعفاء، وهي لديه فن تحقيق المصالح كما قال رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل مقولته الشهيرة: "ليس هناك عدو دائم أو صديق دائم، هناك مصالح دائمة في السياسة"، فالذي يحكمهم المصالح وليس منظومة القيم السياسية والإنسانية الحاكمة في العالم.
لن تنجح السياسة البرغماتية النفعية والمصلحية في تحقيق المصالح السياسية والمنافع المادية للدول والحكومات لأنها مختلفة ومتشابكة وكل دولة ستسعى -وهذا واجبها تجاه شعبها- لتحقيق مصالح شعبها ومنافعه الخاصة دون النظر إلى المصالح للشعوب والحكومات الأخرى وهذا سيؤدي إلى زيادة المنازعات والمخاصمات وربما ستزداد المساحات الساخنة والحروب الضيقة أو حروب اللقمة والجوع وفرض الحصار الاقتصادي على شعوب كاملة لتجويعها لأن حكوماتها لم تخضع للسياسة المعولمة، وللقرار الإمبراطوري.
هذه الفكرة السياسية الخطأ التي تنبع من الفكر الغلط الذي نشأت عليه الولايات المتحدة الأمريكية التي أبادت شعباً برمَّته وتحاربت فيما بينها لأكثر من 150 سنة حتى وصلت إلى فكرة البراغماتية النفعية التي جمعتها على أساس المصلحة وليس على أساس القيمة والمنظومة الأخلاقية فلا قيمة للأخلاق في منطقهم القوي.
وحقيقة هذا الطرح هو أن يكون العالم والحكومات والشعوب يعملون جميعاً لتحقيق المصالح الأمريكية خاصة دون مراعاة أي مصلحة أخرى، ولذا فشلت وستفشل أكثر في تسويق هذه السياسة الخطأ كلما تقدم بها الزمن إلى أن تسقط سقوطاً مدوياً، ولم يبقَ من قوتها إلا جرأتها على الإجرام، وقوة الدولار المعَولم للاقتصاد.
العالم تحكمه منظومة من القيم الأخلاقية والذي تعارفت عليه جميع الشعوب والأمم في كل زمان ومكان وهو ما يشير إليه الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) أعدل حاكم في التاريخ البشري -كما صنفته الأمم المتحدة من بداية هذا القرن- في عهده لمالك الأشتر حيث يقول فيه: (وَإِنْ عَقَدْتَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ عَدُوِّكَ عُقْدَةً أَوْ أَلْبَسْتَهُ مِنْكَ ذِمَّةً فَحُطْ عَهْدَكَ بِالْوَفَاءِ، وَاِرْعَ ذِمَّتَكَ بِالْأَمَانَةِ، وَاِجْعَلْ نَفْسَكَ جُنَّةً دُونَ مَا أَعْطَيْتَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ فَرَائِضِ اَللَّهِ شَيْءٌ اَلنَّاسُ أَشَدُّ عَلَيْهِ اِجْتِمَاعاً مَعَ تَفَرُّقِ أَهْوَائِهِمْ، وَتَشَتُّتِ آرَائِهِمْ مِنْ تَعْظِيمِ اَلْوَفَاءِ بِالْعُهُودِ).
والعالم أجمع بقضه وقضيضه يحترم ويقر مسألة العهود والأمانات المتبادلة وعليها قامت الحكومات والشعوب والأمم منذ بداية قيام الدولة الحديثة، وعليها تقوم السياسات الدولية وجميع المعاهدات والعقود والاتفاقيات فيما بينها وذلك لأنها تحقق المصالح المشتركة للجميع وبما اتفقوا وتعاهدوا عليه، وهذا ما تحققه المنظومة القيمية الأخلاقية في السياسة العالمية، لأن مَنْ يلتزم بها فإنه يحقق مصالحه برعايته لمصالح الآخرين عنده، وعلى هذا تنجح الحكومات وتحقق مصالح أممها وشعوبها دون حروب ومنازعات كما تبحث عنه السياسة النفعية البرغماتية.
الاستاذ حيدر الاجودي/ باحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية:
لو أخذنا كلمة تقابل او تناقض البراغماتية ستكون كلمة ايديولوجية تعبيرا عن الشخص الذي لديه منظومة قيم ومبادئ تخص الوطنية والقومية والدين، على عكس الشخص البراغماتي الذي لا يملك أي قيمة او مبادئ ايديولوجية وإنما هدفه المنافع والمصالح الشخصية، هناك اتجاهان في العالم يسيران في السياسة بصورة عامة، اتجاه يؤمن بأن هناك ثروة قليلة في العالم وعلى الدول ان تتصارع من اجل الحصول على هذه الثروات لتكون مكسب لها، اما الاتجاه الآخر من البراغماتي هو فقدان الأخلاقيات وفقدان المصالح العامة وتكون ارضاء منافعها خاصة في التعامل مع هذه الثروات، فالجميع هنا يتعامل كما يتعامل التاجر السياسي وفقا لمبدأ الربح والخسارة كأن يكون الربح للمصالح الشخصية وكيفيه الحصول على المال والسلطة والزعامة وتأطيرها بقوانين تصب لصالح المستفيد وتأطر باطر معينة، ولكن المستفيد الوحيد هو من يحصل على هكذا المكتسبات ويؤلف القرارات الوطنية وأغلب الجمهور العربي بصورة عامة لا يكاد ينفك عن انتقاد تجار السياسة اللذين يبحثون عن المنافع الخاصة ولكن تجدهم نفسهم بكل ثقة يتم انتخابهم مرة اخرى بحجة انه ينفعني للمصلحة الخاصة، هنا أيضا الجمهور لديه برغماتية للحصول على منافع شخصية تجده يدعم جهة معينة للمنافع الشخصية، ما يخص العراق اكثر الأحزاب التي تصدت المشهد السياسي في العراق جعلت من دولة العراق كمزرعة مخصصة لأصحاب السلطة والنفوذ من زعماء الطوائف والجماعات القومية المسيطرة، تتغذى من ارادة منع الطرف المسيطر من الاستئثار بالثروة وجعل الثروات فقط من مخصوصاتها ولخدمة منافعها الضيقة.
الاستاذ محمد علاء الصافي/ باحث في مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث:
المبدأ اليوم هو الغاية تبرر الوسيلة وهذا يصطدم مع الأخلاق الإنسانية لانه لا توجد إرادة القانون التي تحكم السياسة وتحقق مصالحها، الصراعات تزداد لتحقيق السياسة مثلا النظام العالمي الجديد هو نظام اتفاقات دولية نلاحظ أنها تدعو الى أن الشعوب تحقق مصيرها وأن الشعوب تدافع عن نفسها ومن حق الشعوب تحصل على استقلالها ومن حق الشعوب أن تعيش كبشر لكن لحد الآن هي دول تدعي القانون والأخلاق واتفاقات دولية ولكنها تدعم الأنظمة الفاسدة والمستبدة أو تدعم الأنظمة المجرمة التي ترتكب الجرائم تحت مرأى ومسمع جميع البشر، لكن المصالح هي التي تحكم فقط مثلا الولايات المتحدة تدعم إسرائيل وتعمل بصورة مشروعة أو غير مشروعة كما هو الحال بمسألة توقف اطلاق النار تستخدم الولايات المتحدة حق الفيتو لمجرد قرار إيقاف إطلاق النار وهذا يعني هم يريدون الصراع يستمر والضرب واضح جدا للأخلاق الانسانية بسبب استخدامهم البراغماتية او الغاية تبرر الوسيلة دون النظر للأخلاق وكذلك السياسة في الأنظمة الغربية هي التي تحكم العالم اليوم.
الدكتور علاء الحسيني/ باحث في مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات:
الاخلاق لما انفصلت عن السياسة اصبحت أخطر من الانظمة الديكتاتورية واكثر تسلطية، الآن الدول التي تغنى بالديمقراطية وحقوق الإنسان بسبب فقدانها لبوصلة الاخلاق تجدها تتخبط في بحر الظلمات على العالم ما يدل على ذلك المشاهد في فلسطين والمقارنة التي تجريها بعض الدول الأخرى بين ما حصل في 7 أكتوبر وما بعد قطاع غزة على سبيل المثال وما حصل في اليمن وما حصل في سوريا وما حصل في العراق هنالك مقارنات كبيرة نشاهد فيها بأم العين ان الدول الكبرى فقدت بوصلة الاخلاق وأعمت بصيرتها المصالح الاقتصادية والاستراتيجية بالهيمنة على المناطق الاستراتيجية بالعالم وبالفعل كانت هي أخطر حتى من الانظمة الدكتاتورية وأخطر من القنبلة النووية نفسها التي يهددون بها كثيرا لذلك لابد من العودة إلى حظيرة الاخلاق مرة اخرى على اقل تقدير لو نرجع الاخلاق للسياسة سيكون تعاملنا مع سياسي خلوق وليس في تقديم المصالح ولو على حساب الناس وكرامته وحياتهم.
وفي ختام الملتقى الفكري تقدم مدير الجلسة الدكتور صلاح البصيصي بالشكر الجزيل والامتنان إلى جميع من شارك برأيه حول الموضوع سواء بالحضور او من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، كما توجه بالشكر الى الدعم الفني الخاص بالملتقى الفكري الاسبوعي.