مع اعلان المفوضية العليا للانتخابات العراقية إجراء الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان في 30 أيار/2024، أصدرت رئاسة إقليم كردستان القرار الرابع لتحديد موعد الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان، وكان قد أصدر رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني حتى الآن ثلاثة مراسيم رئاسية لإجراء الانتخابات، لكن لم يتم تطبيق أي منها ولم يتم إجراء الانتخابات، حيث أُصدر القرار الأول في 24 شباط 2022 والذي حدد فيه انعقاد الولاية السادسة لبرلمان إقليم كردستان، وفي 1 من تشرين الأول 2022 أي قبل 7 أشهر من انتهاء الولاية الخامسة لبرلمان إقليم كردستان، كان قد حدد رئيس الإقليم موعد لإجراء الانتخابات للفترة السادسة، أما القرار الثاني فقد أُصدر في 26 آذار 2023 عندما حدد رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني يوم 18 تشرين الثاني لإجراء الانتخابات ومنح 8 أشهر للاتفاق على عمل مفوضية الانتخابات وقانون الانتخابات في البرلمان، مرت هذه الفترة لكن الأطراف وخاصة حزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني PDK - YNK، لم يتوصلوا إلى اتفاق، أما القرار الثالث فقد اتخذه نيجيرفان بارزاني في 3 آب 2023، وهذه المرة تقرر إجراء الانتخابات في 25 شباط 2024.
وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق قبل مدة قرارات بشأن قانون انتخابات برلمان كردستان، أبرزها يتعلق بعدد أعضاء البرلمان ليصبح برلمان كردستان مكوناً من 100 عضو، بعد إلغاء المقاعد الـ11 المخصصة لكوتا المكونات، إضافة إلى اعتماد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بدلاً من الهيئة العليا لانتخابات برلمان كردستان العراق الواردة في هذا القانون، للإشراف على انتخابات البرلمان وإدارتها، وتقسيم إقليم كردستان إلى مناطق انتخابية، على ألا تقل عن أربعة مناطق وبإشراف بغداد.
من هنا أشار عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في أربيل وفاء محمد كريم، من إنّ "تأجيل انتخابات برلمان إقليم كردستان طيلة الفترة الماضية كان بسبب عدم الاتفاق والتفاهم ما بين الحزبين الرئيسين (الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني)، وهو ما دفع إلى هذا التأجيل".
وتابع المتحدث: من ان في القريب العاجل سيصدر مرسوم رسمي من قبل رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني يحدد موعداً جديداً لانتخابات برلمان كردستان، والموعد الأولي ربما سيكون في يوم العاشر من حزيران المقبل، وهناك حوارات مستمرة ما بين حكومة الإقليم والمفوضية للتنسيق بشأن ذلك، كما أن هناك حوارات مع الأطراف السياسية في الإقليم"، لكن مفوضية الانتخابات دعت إلى تأجيلها لموعد آخر دون تحديده، بسبب وجود شكاوى على قانون الانتخابات أمام المحكمة الاتحادية، وسط خلاف محتدم ما بين الحزبين الكرديين الرئيسيين.
من جهتها، قالت المتحدثة بأسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق جمانة الغلاي، في تصريح صحافي إنّ "مفوضية الانتخابات بدأت بإجراء استعداداتها لإجراء انتخابات برلمان إقليم كردستان، وفتحت مرحلة التسجيل البايومتري للناخبين ضمن إقليم كردستان، وشملت مواليد 2006، وهذه الاستعدادات كانت مواكبة لاستعداداتها لانتخابات مجالس المحافظات، والجدول العملياتي والتوقيتات الزمنية متوقفة على المرسوم الإقليمي الذي سوف يحدد الموعد النهائي لإجراء هذه الانتخابات".
وأشارت الغلاي إلى "عدم إمكانية تقسيم مراحل العملية الانتخابية بحال عدم وجود موعد نهائي، وهناك مرحلة استقبال وتسجيل الأحزاب والتحالفات السياسية ومرحلة استقبال المرشحين ومرحلة طباعة البطاقة، كما تم تقديم مقترح لإجراء انتخابات برلمان إقليم كردستان للمدة من 5 إلى 10 حزيران، كون المفوضية تود إجراء الانتخابات ضمن المدة الخاصة بعملها"، وأوضحت أنّ رئيس الحكومة محمد شياع السوداني وجّه بإطلاق التخصيص المالي لإجراء انتخابات برلمان إقليم كردستان، ويقدر بنحو 70 مليار دينار، مؤكدة أنه "بعد تحديد الموعد النهائي للانتخابات، ستقوم المفوضية باستقبال قوائم الأحزاب والتحالفات والمرشحين الأفراد ومجلس المفوضين، عدا الـ38 حزباً المسجلة ويحق لها المشاركة، لكنها ليست الأحزاب النهائية، وقد يكون هنالك عدد أكثر بحال وجود أحزاب تود المشاركة في الانتخابات".
والجدير بالإشارة الى ان آخر انتخابات أجريت في الإقليم عام 2018، تمخضت عن فوز الحزب الديمقراطي الكردستاني بأغلبية مريحة، بواقع 45 مقعداً من أصل 111 مقعداً هي مجموع مقاعد برلمان الإقليم، بينما حصل غريمه التقليدي الاتحاد الوطني الكردستاني على 21 مقعداً، وتوزعت المقاعد المتبقية على حركة التغيير (12 مقعداً)، و8 مقاعد لحركة الجيل الجديد، و7 مقاعد للجماعة الإسلامية، بينما حصل الحزب الشيوعي الكردستاني وكتل أخرى على ما بين مقعد وخمسة مقاعد، ويبلغ عدد من يحق لهم التصويت في انتخابات إقليم كردستان العراق نحو 3 ملايين و700 ألف شخص، يتوزعون على 1200 مركز انتخابي تعمل بنظام الدائرة الواحدة لانتخاب 111 نائباً في برلمان الإقليم، من بينهم 11 نائباً عن الأقليات الدينية والعرقية الموجودة في الإقليم الذي يتمتع بمحافظاته الثلاثة بحكم شبه مستقل عن بغداد وفقاً للدستور الذي أقر عام 2005 عقب الدخول الأميركي للبلاد.
وأعلن المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني -في بيان له- مقاطعته لهذه الانتخابات "لأنها تجري وفق قانون مفروض من بغداد ويمنع السلطات القضائية في إقليم كردستان من الإشراف عليها، وهو ما يخالف الدستور العراقي"، الحزب الديمقراطي الكردستاني اعتبر قرارات المحكمة الاتحادية خرقا للدستور العراقي.
وقال البيان إن المحكمة أخرت البت في أمر الشكوى المقدمة ضد قانون انتخابات الإقليم دون مسوغ قانوني، ثم أعلنت عن قراراتها دون مراعاة للحقوق الدستورية لشعب الإقليم، وعدّ الديمقراطي الكردستاني قرارات المحكمة الأخيرة امتدادا لسلسلة قراراتها غير الدستورية ضد الإقليم خلال السنوات الأربع الماضية، "وتم تحذير الرأي العام من ذلك". وعدّها خرقا فاضحا وخطيرا للدستور وإجهاضا للنظام الديمقراطي في الإقليم، ومحاولة للعودة بالعراق إلى نظام الحكم المركزي، منتقدا هيكل المحكمة الاتحادية بشكلها الحالي، وفق البيان ذاته، وهدد الحزب الإطار التنسيقي الشريك الرئيسي في تشكيلة الحكومة العراقية الحالية، بالانسحاب من العملية السياسية في بغداد باعتباره طرفا فيها، وجاء في البيان "نضع أطراف تحالف إدارة الدولة أمام مسؤولياتهم الوطنية في تطبيق الدستور وجميع بنود الاتفاق السياسي والإداري الخاص بتشكيل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، وبعكسه لا يمكننا الاستمرار في العملية السياسية".
من جانبه اكتفى الاتحاد الوطني الكردستاني غريم الحزب الديمقراطي الكردستاني ومنافسه في كردستان العراق، بإعلان موقف مختصر على لسان ناطقه الرسمي سعدي بيرة بأنه سيشارك في انتخابات برلمان كردستان وفق الموعد المحدد الذي حدده رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني، دون ذكر تفاصيل أخرى. فيما أعربت السفيرة الأميركية في بغداد ألينا رومانوسكي، عن قلقها من مقاطعة الحزب الديمقراطي الكردستاني للانتخابات التشريعية في إقليم كردستان، وقالت في منشور على منصة إكس "نحث الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان على ضمان أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة وشفافة وذات مصداقية، يجب أن يكون لجميع مواطني الإقليم صوت في تحديد مستقبلهم"، اما ممثل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي" في بيان لها أنه من الضروري إجراء الانتخابات في وقتها المحدد في العاشر من حزيران المقبل، وذكر البيان أيضا "ندعو جميع الأطراف إلى العمل من أجل مصلحة الشعب والتوصل إلى حل". وعلى مستوى مواقف القوى السياسية العراقية فقد أعرب السيد عمار الحكيم رئيس تيار الحكمة الوطني عن أسفه من إعلان الحزب الديمقراطي الكردستاني مقاطعة الانتخابات.
في حين كان موقف المجموعات الاثنية الصغيرة في الإقليم او الأحزاب التي تمثّل الأقليات المسيحية والتركمانية باعلانها كذلك مقاطعتها للانتخابات خصوصاً بسبب إلغاء الحصة الخاصة بها (الكوتا)، فيما يحاول رئيس الحكومة السيد محمد شياع السوداني بأجراء مفاوضات مع الحزب الديمقراطي الكردستاني في حلحلة هذا الموضوع ومسائل معقدة أخرى تتعلق بالعلاقة بين الحكومة الاتحادية والاقليم ومن ذلك زيارته الى الإقليم واستقباله بعد أيام رئيس الإقليم في بغداد، وعليه ومع إصرار الحزب الديمقراطي الكردستاني وهو الحزب الحاكم في الإقليم بمقاطعة انتخابات الإقليم كمقدمة لمقاطعة اشمل يتوقع ان تتداخل اطراف داخليه وخارجية بحل الخلاف الناجم عن رأي المحكمة الاتحادية التي ترى اطراف كردية انها تعمل بأجندات سياسية بالضد من مواقف الحكومة ومن يقف خلفها في الإقليم يتوقع وبالتالي فنحن امام سيناريوها ابرزها تأجيل الانتخابات في الإقليم او يتراجع الحزب الديمقراطي الكردستاني عن موقفه بعد اجراء تعديلات قانونية حول قانون الانتخابات.