مرت علينا ذكرى الـ103 لتأسيس الجيش العراقي في 6/كانون الثاني، وهو يوماً وطنياً يكون عطلة رسمية لجميع المحافظات والمدن العراقية من شماله الى جنوبه، وصادف مع هذه الذكرى ان فتحت الحكومة العراقية باب التطوع على جهاز مكافحة الإرهاب بصفة منتسب، وهو من اهم الأجهزة الأمنية في العراق الذي تأسس عام 2007 بعد تغيير النظام، ويرتبط هذا الجهاز مباشرة بالقائد العام للقوات المسلحة الذي يمثله رئيس مجلس الوزراء نفسه، ويترأسه ضابط عسكري بدرجة وزير وقد تعاقب عدد من القادة على إدارة هذا الجهاز، وبرغم من كفاءة الأجهزة الأمنية ومن ضمنها تشكيلات الجيش العراقي والشرطة، والمؤسسات الأمنية الأخرى مثل هيئة الحشد الشعبي الا ان جهاز مكافحة الارهاب يحتل أهمية كبيرة في البلد.
يحتفل العراقيون في كل عام بذكرى تأسيس الجيش رغم ان هناك تداخل وربما حتى تعارض في الصلاحيات والادوار والمهام، لكن لا تزال المؤسسات الرسمية التي ترتهن بالقرارات الوطنية العليا للدولة العراقية، اذ حافظ الجيش العراقي على سمعته وقوة حضوره في الأوساط الشعبية فضلاً عن الرسمية كما يراد له ان تلوثه اجندات داخلية وخارجية فضلا عن فساد بعض قادته، وهذا ما انسحب بحدود كبيرة على احترام جهاز مكافحة الإرهاب عند عموم أبناء المجتمع العراقي، ومن دلائل ذلك عدة مؤشرات ومنها على سبيل المثال حجم الاقبال على التطوع من خلال مواقعه الافتراضية والإعلامية، اذ المعروف عن الجهاز بكونه نخبوياً لكنه شهد اقبالا كبيراً من قبل الشباب، وقدرت نسبة زيارة موقع الجهاز على الانترنت بأكثر من عشرة مليون زائر خلال شهر واحد فقط، وهو مؤشر كبير من تعاطي أبناء الشعب لاسيما الشباب منه بإيجابية ومقبولية كبيرة مع اهداف وادوار هذا الجهاز.
ولعل هذه المقبولية من الشباب وعموم أبناء المجتمع يعود الى جملة أسباب أبرزها:
1- القدرة القتالية لجهاز مكافحة الإرهاب في التصدي للتنظيمات الإرهابية في أكثر من منازلة، ومدة زمنية ومنها محاربته لتنظيم داعش الإرهابي وطرده من أكثر من مدينة عراقية سيطر عليها التنظيم.
2- التنظيم العالي الذي يتمتع به الجهاز واستقطابه للعناصر الكفؤة على المستويات القيادية والمنتسبين.
3- الذهنية التي تتحكم في شخصية الفرد العراقي خصوصاً والعالم العربي والشرقي عموماً من الانجذاب باتجاه كاريزما محددة منها الكاريزما العسكرية إضافةً الى رمزيات أخرى مثل الكاريزما الدينية.
4- ابتعاد هذا الجهاز عن السياسة الى حد كبير، وعدم تدخل قياداته في شؤون السلطة السياسية وتداعياتها بالمقارنة مع شخصيات أخرى تعمل على الجانبين الأمني والسياسي، مما يوثر على حضور الجهاز الأمني شعبياً.
مع ان ابتعاد المؤسسة العسكرية الرسمية بالكامل عن الجانب السياسي مثلما ينطوي على إيجابيات كبيرة لكنه في ذات السياق قد يحمل مع سلبيات أيضاً خصوصاً عندما ينتظر الشعب من هذا الجهاز او ذاك من المؤسسات الأمنية دوراً وموقفاً واضحاً من تغول وفساد وعبثية اقطاب السلطة السياسية كجزء من الذهنية التي تنظر الى المؤسسة العسكرية بأنها تتفوق على غيرها من المؤسسات في إيجاد ومساندة الحلول الوطنية العليا.
ومما تقدم يتضح من المؤشرات حول الاقبال على هذا الجهاز او غيره من المؤسسات الأمنية الرسمية، ان أبناء الشعب العراقي ينظرون بتقدير الى هذه المؤسسات وادوارها الوطنية العليا لاسيما في مكافحة الإرهاب وطرد التنظيمات من المدن العراقية وما ترك من اثر في الاستقرار الأمني على المواطن والمجتمع في مختلف المدن العراقية ومن ضمنها المدن التي كانت مسرحا لعمليات التنظيمات الإرهابية.