يمثل الدستور والنظام الإنتخابي والمفوضية العليا المستقلة للإنتخابات المحددات الأبرز للعملية السياسية في البلاد الديمقراطية، ويشترط في ذلك استقرار هذه المؤسسات وأطرها النظرية لكي تستمر العملية السياسية بشكل آمن ومستدام وتكون بشكل أكثر ثبات بمرور الزمن لغرض التوجه نحو المشاركة الفاعلة والنوعية بدلا عن المشاركة بدوافع حزبية أو عقائدية او عشائرية وغير ذلك، فضلا عن استقامة العملية الحزبية والتحالفات بإتجاه التقنين وتوحيد الرؤى لغرض صيرورة نظام سياسي مبني على ثلاثة قوى: الأولى القوى الحاكمة، والثانية المعارضة، والثالثة الناشئة التي نشأت حديثا والتي تسعى إلى إيجاد مساحة للعمل السياسي ومن ثم تتخذ لنفسها خيارا بالتوجه نحو قوى المعارضة أو القوى الحاكمة.

ولغرض تسليط الضوء على الأحداث الحالية المتمثلة بتشريع التعديل الثالث لقانون انتخابات مجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لسنة 2018م، ينبغي الإشارة الى العديد من النقاط بهذا الصدد:

1- إن دمج قانون انتخابات مجالس المحافظات والاقضية مع قانون انتخابات مجلس النواب هو مخالفة للنص الدستوري بدلالة المادة (49) والمادة (122) من الدستور.

2- إن الغاء انتخابات الأقضية أيضا يشكل مخالفة أخرى.

3- إن تحديد عتبة أعداد أعضاء مجالس المحافظات لا يركن إلى اي معيار او محدد سوى التوافق.

4- كيف يعدل قانون لم يُعمل به اصلا.

5- هناك إختلاف بنيوي بين القانونين فالأول يتعلق بإجراء الإنتخابات في (15) محافظة، في حين الثاني يتعلق بإنتخابات في (18) محافظة.

6- لوحظ هناك رفض لهذا التشريع من أكثر من (110) من أعضاء مجلس النواب الحالي بدورته الخامسة اضف إليهم (75) نائب من الكتلة الصدرية المنسحبة، و(55%) من غير المشتركين فهذا مؤشر خطير في مدى تناغم هذا التعديل مع الرغبة الشعبية بحسب المادة (5) من الدستور العراقي النافذ.

السيناريوهات المتوقعة

المعطيات أعلاه تدفعنا إلى القول إن المشهد السياسي في العراق سوف يواجه تحديات كبيرة قبيل إجراء إنتخابات مجالس المحافظات من خلال التالي:

1- إن نسبة من شرع التعديل في مجلس النواب، لا يتجاوزون الـ(22%) من الشعب العراقي.

2- إن قوى الإطار التنسيقي التي تسيطر على مجلس النواب يجمعهم مواجهة التيار الصدري وقوى تشرين والقوى المستقلة والناشئة الأخرى، فهم مختلفين في كل شيء حال بقية القوى السياسية السنية والكردية والتركمانية والمسيحية. وبالتالي في حال تشكيل تحالف معارضة سوف يتحالفون مع بعضهم، أما إذا لم يتحالفوا سوف تدخل قوى الإطار متفرقة.

3- قد تتوجه القوى المعارضة بمختلف مكوناتها إلى تشكيل طيف او تحالف سياسي يستهدف أكثر من (60%) من الأصوات مما يسبب حرج للقوى السياسية الحاكمة.

4- ستكون انتخابات مجالس المحافظات بوصلة عمل للقوى الحاكمة، وكيفية التحرك مستقبلا، أي العمل في انتخابات مجلس النواب.

5- لاشك إنَّ القوى الحاكمة سوف تسعى إلى تهيئة الأرضية لغرض عدم مشاركة الجماهير غير الحزبية، من خلال اتباع طريقة الإحباط وتهشيم الطموح في الحصول على مقاعد معينة في الإنتخابات.

6- من الطبيعي ان قوى المعارضة والقوى الناشئة والافراد المستقلين والقوى المرتبطة بمنظمات المجتمع المدني، سوف يعانون من تشكيل جبهة موحدة بإطار سياسي، نظرا لإختلاف التوجهات بشكل كبير، لذا يتطلب التنازل والعمل بالمساحات المشتركة من خلال وضع برنامج عمل وخارطة طريق واضحة.

7- قد تطرح نتائج انتخابات مجالس المحافظات بداية لمشروع صدام وتنافس دموي بين القوى السياسية في العراق.

.............................................

الآراء الواردة في المقالات والتقارير والدراسات تعبر عن رأي كتابها

*مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية / 2001 – 2023 Ⓒ

http://mcsr.net

 

اشترك معنا على التلجرام لاخر التحديثات
https://t.me/infomscr
التعليقات