ما ينبغي فعله قبل الانتخابات

 

يبدو لنا الحديث عما يجب توفره للانتخابات، تهيئة وتعبئة.. توقعاً وتحسباً، مهم جداً في الحسابات السياسية بل والمجتمعية أيضاً خاصة والعراقيين اليوم أمام ما يسميه أيزنغر Eisinger بـ"بنية الفرصة السياسية"(84)، وأظن قصده المجتمعية.. وهي الفرصة الهادفة إلى تفعيل الممكنات لربط مختلف الموارد السياسية والاقتصادية والاجتماعية وصهرها في بوتقة اتصال وتلاقح "تعبئة" المراد منها تأهيل الجميع للمشاركة في الاستقرار السياسي وتوليد فواصل الأداء للفعل الجماعي بدءاً من حسم الرأي باتجاه حتمية إجراء الانتخابات وصولاً إلى صياغة المسير وانتقالاته نحو صناديق الاقتراع، والعراقيون هنا تجاوزوا النظر للعملية الديمقراطية من زاوية الاختيار والتفضيل لصالح التطلع لرؤية نظامها وقد تبلور بصيغة النموذج الذي يتولى كما يقول "تارو" تأسيس الدولة الجديدة التي تقوم، أداء، على أساس التراصف السياسي بين مختلف الأطر السياسية التي تعتصم بالانفتاح المجتمعي قانوناً وبإدامة التحالف من أجل الاستمرار والوقاية من الارتداد للماضي.. أو الانغلاق والجمود دستوراً لها وبما يدعم جهودها في تأهيل الجموع لا تلقينها لمدة محددة سياسات عامة سرعان ما تدار بالعنف(85)، عند ذاك تصبح الدولة على اتساع وجودها وبرامجها غير قادرة على استيعاب النخب لا جموع الشعب فحسب لنكون أمام مخاطر الانغلاق من جديد.

وإزاء ما حققه العراقيون من إنجازات بجهود لم يشأ أحد إن يوزنها بموازين البناء.. وجب علينا استغلالها للأسباب الآتية:

1- جعل قانون الأحزاب المؤمل إنجازه بمثابة الدستور لتأسيس عقد اجتماعي متميز بانفتاحه واستيعابه لكل الفعاليات السياسية وتأهيلها للمشاركة الجماعية في السلطة وفقاً لرؤية يحكمها العقل والمنفعة المجتمعية التي إذا ما اطمأن لسلامتها ستصبح معياراً لوزن كل التدابير اللاحقة كالفيدرالية واللامركزية وغيرها.

2- وانطلاقاً مما انتهينا إليه تبدو الحاجة مضاعفة إلى تبني قانون للانتخابات حاسم في آلياته.. نزيه في مقاصده... مرن يستوعب كل اتجاهات الرأي ويحقق في تحمل أية مطالب.. ويزود بتقنيات متفق عليها مسبقاً لأداء العملية الانتخابية سواءً من قبل الناخبين "أو المرشحين أو الفواعل الرئيسية فيها وفق قواعد وأصول يلتزم بها... بعد أن يكون قد نصّ صراحة على الكيفية التي تتم بها تأهيل جموع الشعب لخوض الانتخابات وفق نصوص وفعاليات مردفة بإقرار للكيفية التي تجري فيها عمليات التعبئة الاجتماعية وبما يؤهل الجميع لضبط عمليات أية أزمة.. فضلاً عن إقراره باستخدام شبكات الدعم الواسعة لا سيما في مجال التوعية.

وإذا كان قانون الانتخاب المأمول سيحدد نوعاً محدداً من تقنيات العمل الانتخابي، ألا أننا في هذا المقام نلّح على التذكير بالآتي:

أ- ضرورة النص على معايير أداء هادفة يلتزم بها الجميع دون تفريق.

ب- ضرورة النص على معايير ثوابت أنطلاق ملزمة للجميع.. كواجبات محددة ينبغي للفعاليات السياسية والاجتماعية والثقافية الترويج لها وتأهيلها تحقيقاً للعدالة الاجتماعية وضبط الانفتاح المجتمعي المأمول.. والالتزام بمواصلة العملية الديمقراطية وتدعيمها كمهمة بناء للمجتمع الديمقراطي التعددي الجديد.

ج- ضرورة النص على عراقية التوجه للانتخابات من قبل الأطر السياسية ليس من منظور تعصبي.. وإنما من منظور التحسب للأثر الذي تتركه ظروف العمل السياسي السابقة ومتطلبات أدائها قبل نيسان2003 وبما يقللّ من تأثيرات التدخل الخارجي في توصيف إرادة العراقيين أو في تشكيل الحكومة المقبلة، وهنا لا بد للحكومة الحالية من طرح برنامج خلاص أو إنقاذ وطني.. بدايته الدعوة للمصالحة الوطنية بحيث يحس الجميع بجدية وضمان ما يقدم عليه... ونهايته عقد إجماع حول أساسيات الأداء في المرحلة القادمة.. ذلك العقد الذي يحدد لكل طرف ما عليه وماله ليس استجداء للمواقف.. بل ضماناً للتوازن في العملية السياسية. وأظن أن الاتفاق حول الموجبات التي تشيعها الشريعة الإسلامية ومرجعياتها هي أفضل ما يتم الوصول إليه الصدد سواء في تحديد الأساسيات أو استيعاب ثانويات العمل السياسي وبما ينهي أية احتمالات لسيادة التوظيف السياسي أو البراغماتي للفرص أو المكاسب على حد سواء، فصراع الأحزاب يلحق الضرر بالمصلحة العليا للمجتمع إذا لم يؤطر بالتزامات حقيقية(86).

 وتذكيراً بالأهمية التي يحملها قانون الانتخاب في العملية الانتخابية، يتوجب على الجميع، حكومة وأطر، إرساء متممات العملية الانتخابية أي بمعنى إيجاد نظم علاقة بين الناخب والمرشح تبدأ عملها الاتصالي والرقابي بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات.. كإجازة مكاتب للفائزين أو روابط خاصة بهم يحققون من خلالها سواء على صعيد الناحية أو القضاء أو المحافظة نوعاً من تسلسل الأداء وتحقيق المطالب الجمعية وإيصالها.. لان أي فرط لعقد الاتصال بين الناخب.. والنائب سوف يكون مدعاة لتزيف الإرادة الشعبية في ممارسة الحكم أو المشاركة فيه.

3- لجعل الحوار هو الآلية الوحيدة لتجميع مسرعات الجدوى من الانتخابات ولتقريب وجهات النظر وصولاً لصياغة مقتربات الأداء الموحد.. خاصة وهو المعترف به والمبرهن على صلاحيته كضابط للأداء السياسي بمجمله لا سيما بين الأطر السياسية التي لا ترى نفسها سوى أنداداً يصعب تجميع مطالبها بنسغ مجتمعي واحد.

وباستطاعتنا تلمس أهمية الحوار.. كحبل نعتصم به للوصول إلى شاطئ الآمان، عندها نقرّ بحقيقة هامة لا غبار أو خلاف عليها مفادها أن الإنسان العراقي لم يعد ذلك الإنسان الذي يحتاج البناء من الصفر.. لا لأنه يمتلك وعياً كبيراً وحساً لا يضاهى.. بل لأنه يمتلك شجاعة موقف، إفصاحاً عن الاقتناع والمشاركة في البناء أو انفعالاً في تدمير البناء، فإلى وقت قريب كان الإنسان العراقي مجبراً على الاعتصام بصبر لا حدود له، أما الآن وقد أدرك مآسيه وصعاب وجوده وارتبط بالحكومة التي بدت كما كانت مسؤولة عن المكاسب تسويقاً وتحقيقاً، أصبح بحاجة إلى من يهذب أداءه ويرمم وعيه ويوجهه بما يجعله يحتكم للعقل في مطالبه، وأظن تلك مهمة الأطر السياسية التي لا بد لها من التزود بالهمّة المتعلقة، تلمساً واستحضاراً، كمرجعية قيمية وعملية في آن واحد.. انطلاقاً من رؤية ستراتيجية مهمة مفادها.. أن القرار الذي يتخذ من أجل تأمين مطالب جمعية لا يمكن حصر تصريفه، ابتداء، بالإرداة المستحضرة فحسب.. بل لا بد من همة وعي تنقله إلى حيز التطبيق وابتكار الوسائل المفيدة لجعله متسقاً مع المسير الديمقراطي المنتظر والمليء بالاستحقاقات.

ومن أجل إتمام حضارية تلك الرؤية، نجد أن تشرع الأطر السياسية والقنوات الفكرية بمختلف عناوينها في تسيير قوافل للبناء الإنساني تزيد من وعي جموع الشعب بأهمية المشاركة في الانتخابات.. وقبل ذلك في الحوار من أجل ضمان سلميتها وشرعيتها أداء ونتائج.

ولعل ما يدعو إليه المقام هنا الإشارة إلى أحد رواد الدعوة للحوار في تاريخنا المعاصر وهو الإمام محمد الحسيني الشيرازي الذي عدت أفكاره بهذا المجال بمثابة دعوة تنويرية للجموع وإيقاظ لوعيها وسعيها نحو المحبة والسلام والمسامحة والمسالمة ونبذ العنف، وما أحوجنا اليوم ونحن نمر بهذه الظروف القاسية إلى التمثل بهذه الدعوة المرشحة لحوار عقلي حضاري يكون بمثابة سنة تعامل في السلوك اليومي والحياة الاجتماعية للجموع(87).

ولم ينطلق الإمام الشيرازي بدعوته تلك من نيته في تغليب التحوط السياسي ضد مفاهيم وأفعال تنتجها العملية السياسية لا سيما تداول السلطة فيها، بل انطلق من أحكام قيمية ومعيارية بالغة الأتساع، لذا نرى سماحته مجدداً لدعوة إلهية استهدفت بشكل أساسي القضاء على مظالم يتقصد البشر في أتمامها عبر التسلط والانفعال وتأويل المواقف، وربما احتكار فهم الإحداث التي تؤدي به إلى محاصرة العقل وتطويقه وتعطيله خارج أطار دائرة التفاهم والتسامح والاتساق مع مقاصد الإسلام الأساسية، حيث الحوار والسلم وطريقة أدائهما أو الوصول إليهما عبر اللاعنف، وتراه أيضاً يستند في دعوته تلك إلى تراث ضخم وكم هائل من الدلائل والنصوص ليس بصيغة الإنتاج المفسر والمكرر لها بغية تضييق مساحة الاجتهاد وتجميدها.. بل للتأكيد على أن [حاكمية البشر] يمكن مقاومتها وتغييرها بأساليب النضال الإنسانية المختلفة والعمل على استبدالها بأنظمة أكثر عدالة(88)، وهنا لا يتعامل الشيرازي مع النصوص الداعية للحوار السلمي المبتعد عن العنف "بعقلية نصية" بل يعتمد على أن الشريعة هي مقاصد قبل أن تكون نصوصاً والأخيرة ليست بديلة عن الأولى.. بل المهم هو استيعاب النصوص والامتثال لإحكامها واحترام قدسيتها.. وليس الغرض من الاستدلال بالآيات هو الاقتطاع بل الاستشهاد والالتزام، فالعبرة هنا في الأصول التي تجاوزتها الكثير من النصوص الإسلامية الحزبية، وهذه نقطة مهمة، ليت فعالياتنا السياسية المقصودة بهذا الاتجاه تمتثل لها، وسبب ذلك أن الإمام الشيرازي لم يمثل اتجاه سياسي بعينه بل هو فقيه ومرجع ديني، له منهجه في الاجتهاد والتصرف.. يمثل بآرائه استمراراً لشرعية السلطة الإسلامية التي ترى بالظلم والتعسف والطغيان.. محارماً ينبغي تجنبها، واستبدال الحث باتجاهها.. بمفاعيل صلاح تفتح الأذهان لابتكار مدارك أداء متنورة تضع حداً للتيه والارتباك في فهم الجموع لذاتها.. ولمن يمثلها كالسلطة التي ينبغي أن تكون منتخبة وفقاً لبرامجها وإنجازاتها ودعوتها للتآلف والتسامح، والتوق لصنع عتبات انطلاق جديدة يكون الحوار هو عامود اللقاء.. وقانون ضبط المسار. وهكذا تبدو أهمية التمسك بتلك الفكرة كتدبيج لتوجهنا لإتمام العملية الديمقراطية وممارستها الانتخابات شرط أن تقابل السلطة النزوع الجماهيري بهذا الاتجاه بحث مقنع وممارسة ضبط شرعية وشريفة عنوانها الأكبر المساواة في الفرص.

ومن فوائد الحوار وسطوته في إنجاز عملية الانتخابات، إحساس جموع الشعب بخصائص وجودها عند معالجتها لمشاكلها، ولا يخفى أثر ذلك في الاستدلال على الحلول بكل سهولة ويسر مضاعفات محرجة للآخر أو مثيرة له، وهنا نتذكر قول الإمام الشيرازي أنه بالحوار يستطيع "الإنسان أن يعالج الأشياء بكل لين ورفق حتى لا يتأذى أحد من العلاج.. لأن العنف لا يولد ألا العنف"(89). كما وأن للحوار فائدة عظمى أخرى تتمثل في تقليل الثمن المدفوع من أجل حيازة الحرية.. خاصة إذا كان الواقع مليئاً بميراث ضخم من المظالم والمحرمات.. وعميق الاختلال.. ومتى ما استدل الفرد على الكنز الذي يزوده بها عرف مسؤوليته وشارك طوعاً في شرعنة التغيير السياسي والاجتماعي وانتهى عن كل احتمالات الارتداد والنكوص.. وربما التوجه إلى العنف، عند ذاك سيكون الجميع مطمئناً بأن ألازمات التي تطفو على سطح الممارسة السياسية حلولها جاهزة وبما يقوي حضارية المجتمع ويرسخ سلمية المطالبة بحقوقه. وهكذا يكون الحوار سيد الموقف وصانع التجربة الديمقراطية الحقة.

4- لجعل الحث باتجاه تأسيس خطاب سياسي يؤمن بالآخر لا بتهيئة مستلزمات نعيه، كلازمة ضرورية لإتمام العملية الديمقراطية وخاصة ممارستها الانتخابية التي ينبغي الاتفاق على الشروط المكونة للمآلات التي يهدف الجميع الوصول إليها بحيث يصبح مرآة عاكسة لبنى إيمانية قيمية وتاريخية ومعرفية.. وربما عملياتية لا تكفر الدولة ولا الأمة ولا تستهزئ بالمجتمع وفعالياته المختلفة ولا تنفي اسلامهما بل تسعى إلى خلق المعنى الحقيقي للمرجعية الموحدة والمؤهلة لإعادة أنتاج الدولة وتأسيس المجتمع.

وقد تبدو للبعض هذه المهمة بديهية لدرجة لا يهتم بطرح تساؤلات عن كيفية الفراغ منها أو تحقيقها أو حتى الترويج لها، ولكن حقيقة الظرف الذي يمر به العراق وشيوع حالة رد الفعل عند مختلف الأطر السياسية بالتزامن مع مرحلة الانتخابات سيجعل منها مهمة صعبة ومعلقة على العديد من الفروض.. بل والمتطلبات الابتدائية التي ينبغي تواجدها رصاً للصفوف وتوحيداً للكلمة. ومن حسن حظ العراقيين أن الانتخابات جاءت بعد الكلفة المدفوعة لا قبلها وهذا بحد ذاته يؤسس مقتربات بناء للخطاب السياسي الموحد التي إذا ما أخلصت الأطر السياسية النية للإجماع عليها، سوف تدفع بالانتخابات إلى المآلات المرجوة منها.

5- لجعل الجميع متفقاً على الصفات التي ينبغي توفرها بالمرشح التي من الممكن تقديم نموذج بخصوصها.. ومن هذه الصفات والتي أجمعت على توافرها غالبية المرجعيات:(90)

* العلم بمعنى الدراية والكفاءة في وزن الأمور والتبصير بعواقبها.

* الإيمان ونقصد الأصل منه بما يحويه من فروع كالطاعة لله تعالى والسيرة الحسنة والسلوك القويم والحكمة في التحرر من براثن الدنيا.. مادة وجسد.. حتى تصبح عنده الطاعة وكأنها فريضة يقتدي بالالتزام بها من قبله الآخرون بحيث يصبح عندهم محل ثقة.

* الأمانة التي يقصد بها التمسك بمقومات قوة الإرادة التي تنازل عنها الناخبين لتصبح قرينة للمسؤولية، فعلى الناخبين اختيار مرشحهم المؤهل لتحمل تلك المسؤولية والدفاع عنها.

* الخبرة التي لا بد أن يمتلكها المرشح.. كعنوان لمعرفته بآليات تسيير العملية السياسية والقوى السياسية المختلفة في المجتمع وكيفية التعامل معها واتجاهات الرأي العام بصدد المواضيع التي تكون محلاً للقرار السياسي.

* أن يكون المرشح قادراً على نسج علاقة حوار جدلية تقوم على أساس الاحترام المتبادل والتعاون الخلاق لغرض تنمية وتطوير المجتمع والخروج به من دوائر التيه والاضطراب والتفتت والتخلف.

* أن تكون للمرشح رؤية متوثبة لصناعة المستقبل، يلتزم بالتغيير المبصر كقانون لإتمام تلك الصناعة التي ينبغي أن تلم جميع مطالب أطياف المجتمع العراقي.. مؤمناً بمصلحة الوطن وسطوتها المقدسة، لماحاً لحاجات المجتمع الضرورية والموضوعية التي تبدأ من ضرورة إجراء مراجعة شاملة للأوضاع وتنتهي بالابتعاد عن تصفية الحسابات كدرب لتحقيق الإنجازات.

* أن يكون المرشح صاحب مشروع مجتمعي يلّم بمفردات حث جميع أطياف الشعب العراقي بعيداً عن البنى والعلاقات العصبوية بمختلف تسمياتها.. التي تفعل فعل تأخير البناء للمجتمع العراقي ليس بصيغة محاربة تلك البنى وتذويبها بل تقليل من ثقل فاعليتها الذاتية المضادة للحقيقة الجمعية للعراق الواحد.

* أن يكون المرشح مؤمنا بجدلية العلاقة بين التحرير الوطني والنهضة، وله القدرة على ضبط معطياتها بما تحمله من حوامل سياسية واقتصادية واجتماعية وقيمية وشبكات توجه وتقنين التعبير عنها كرديفة لإتمام العملية الديمقراطية لا لاحقة عليها.

* أن يكون المرشح معروفاً بتحكميته.. أي بمعنى الانضباط في السلوك والعمل.... والمتفاعلة في سياق شخصيته المؤثرة والجذابة وذات تقدير مهم في صفوف الناخبين حتى لا تكون طلباته منهم تحمل محمل الأوامر والتبليغ والتلقين والمنع.. وربما العقاب والإذلال.

وإذا كانت هناك صفات إجرائية(91)، يستلزمها قانون الانتخابات التي أشار إليها قانون إدارة الدولة المؤقت، فإن المطلوب هو تقويم مدى تأثير حضور تلك الصفات في بانوراما التهيئة للانتخابات وبما لا يخّل بمدى واتساع حق الانتخاب والترشيح لمن يجد في نفسه الكفاءة والقدرة على أداء واجب مشرف حيال شعبه.. ذلك لأن الهدف من إيراد هذه الصفات تقنيتها هو خلق النخب القادرة على أن تأخذ مداها ليس لخدمة جموع الشعب فحسب، بل لبناء النموذج الديمقراطي وإرساء دعائمه كخيار وحيد لا بد منه بل وحتمي إذا ما أردنا دخول التأريخ من جديد. وهذا لا يعني أبداً أن خلق أو أيجاد هذه النخب مسألة فنية تتولى إتمامها الحكومة وأجهزتها.. بل هي عملية مجتمعية تشترك في صياغتها جموع الشعب بكل ما أوتيت من قدرات وخيرات ومطامح لأنها هي صاحبة المسؤولية الأولى والأخيرة في العملية الديمقراطية ونجاعتها.

 

الصفحة الرئيسية | نشاطات المركز | مقالات | عن المركز | بحوث مستقبلية | إصدارات المركز | الهيئة الإستشارية | منار المستقبل | إتصل بنا

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

 جميع الحقوق محفوظة لمركز المستقبل للدراسات والبحوث / 1426هـ / 2005م

info@mcsr.net