العراق في رؤية الإمام الشيرازي

الأزمة... المشكلة... وعناصر القوة في الحل

1. الأزمة السياسية والمشكلة الطائفية:

يشكل العراق (الأرض ـ الوطن ـ الشعب) بالنسبة للإمام الشيرازي الراحل هاجساً إنسانياً وهمّاً وطنياً يمر عبر منظومته الدينية وأيديولوجيته الإسلامية حتى أمسى العراق شاغله الأول في ميدان الفكر السياسي وأدب السيرة الذاتية وأيضاً هو مبعث اهتمامه في شؤون السياسة والحكم.

يقول الإمام الشيرازي في معرض حديثة عن العراق ومستقبل الحكم فيه: (وبحثنا هنا يدور حول بقعة من بقاع الأرض التي اختارها الله تعالى محطة للعديد نمن أنبيائه ورسله وهي أرض العراق المباركة)(1). ويكشف بهذا التصور عن العراق وقضيته الى الحد الذي يعتبره محل اختيار الله تعالى ومحطة تمر بها مسارات النبوة وحركة الأنبياء في الدعوة الى الله وتبليغ وحيه, عن منحى أيدلوجي راسخ ومتكون وفق رؤية دينية, تنتظم أفكاره على أسس من عقائد الدين وتعاليمه الإلهية, وبهذا المنظور الذي تندمج فيه السياسة بالدين ويتكامل في نسق فكري يحدد الاجتهاد أبعاده ويرسم معالمه ويتحول فيه الاستنباط الى أطروحة في السياسة ونظرية في الحكم؛ جاءت أطروحات الإمام الراحل في المسألة العراقية واستولت على كثير من اهتماماته السياسية والفكرية, وتوزعت على عدد من المقالات والكتب والمحاضرات, وقد ركز في مجمل هذه المؤلفات وباهتمام شديد على الأسباب والعوامل التي أدت بالعراق الى الدخول في حلقات متواصلة من المشاكل الأزمات ومنذ تأسيس دولته الحديثة في عشرينيات القرن العشرين, ومن بين أبرز عوامل تغذية أزماته التي حالت دون نجاح مشروع تأسيس دولته الوطنية وبناء مؤسسات الحكم فيها, في رأي الإمام الشيرازي, هو إقصاء وتهميش مكونات أساسية وفاعلة في المجتمع العراقي تنتمي إليها جذور التكوين العراقي هويةً وشعباً ووطناً.

إن عملية الفصم بين هوية العراق الاجتماعية وهويته السياسية بإقصاء الشيعة عن الحكم والإدارة في البلاد وتهميش دورهم السياسي بل ومحاولة إلغاء حتى دورهم الاجتماعي هو سبب تضاف إليه أسباب أخرى ولكنه يتصدر مجموعة الأسباب التي قادت الى الأزمة السياسية والمشكلة الطائفية في العراق وما حملت معها من تداعيات انتهت بسقوط البلد في قبضةِ الاحتلال ومخطط التقسيم الذي يستهدف العراق أرضاً وشعباًَ. يقول الإمام الشيرازي: (وحسب قانون الشرع والعقل وحتى ما يسمى بالقوانين الديمقراطية فإن حق الحكم يعطى للأكثرية مع حفظ حق الأقلية إلا أن هذه المعادلة لم تتحقق في العراق)(2). ورغم أن الإمام الشيرازي يتحدث عن الأكثرية العددية في أطروحته السياسية إلا أنه وبحكم الأهمية التي يوليها للمبادئ الديمقراطية وما تفرضه من حق في التعبير عن الرأي وحق المشاركة في انتخابات حرة نزيهة فإن الأكثرية السياسية تحظى بتأييد الإمام الشيرازي ويؤكد عليها من خلال تبنيه المحتوى الديمقراطي لمفهوم المشاركة في الحكم وضرورة الشراكة السياسية, وتتأسس عليه رؤيته السياسية حول نظام الحكم البديل في العراق(3) أو حكومة المستقبل بعد إزاحة نظام الدكتاتورية والاستبداد عن مراكز السلطة والقوة في العراق؛ فهو يعتقد أن هذه الحكومة المستقبلية يجب أن تقوم على أساس مشاركة (كل فرد من أبناء الشعب العراقي... وبما أوتي من قوة في تشكيل حكومة العراق المستقبلية عن طريق الانتخابات الحرة النزيهة التي تجري على مستوى كل الشعوب)(4) وفي مقاربة واضحة للمبدأ الديمقراطي فإنه (لا يُشكل من الناحية الشرعية على استخدام مصطلح الديمقراطية وإنما الأفضل في رأيه استعمال المصطلحات الإسلامية مثل الشورى والاستشارة)(5).

وينفي الإمام الشيرازي أن تكون دوافع موقفه طائفية محضة أو مجرد انحيازات مذهبية قاهرة بل يرى أن الاخوّة التي يرتبط بها الشيعة في العراق مع مكونات أخرى لا ينبغي أن تضيع بها حقوقهم تحت مسميات واهية وبذرائع ساذجة (بل الأجدر بهذه الأخوّة أن تصلح ما قطعته من جسور وروابط اجتماعية وإسلامية)(6). وبأسلوب يحث عليه الشرع الحنيف في مسالة الشورى وتؤيده مبادئ الديمقراطية الحديثة وهو أن (لا تقع الحكومة بيد فريق معين من الأشخاص بلا انتخابات أو تصويت أو شورى)(7).

2. عناصر القوة في الحل:

يصدر الإمام الشيرازي في أطروحته السياسية المتعلقة بالمسألة العراقية عن اكتناه الواقع العراقي وتحليل طبيعته الاجتماعية والسياسية وهو يستند في هذا الاكتناه ونتائجه الى تجربة خاصة خاضت غمار السياسة وشهدت تحولات العراق وانتقالاته في تاريخه الحديث والمعاصر واختبرت توالي أنظمة الحكم فيه ثم هي تجربة تضاف الى ما قامت عليه أصلاً رؤيته الأيدلوجية وسياق العمل بها على نسق من قواعد الشريعة ومجموعة من أحكام الفقه في السياسة والدين, وما تهدف أليه من تجسير الموقف من السياسة لصالح دولة الإسلام التي يرى الإمام الراحل أنها دولة الإنسان بما تمثله من تجسيد لآماله وأحلامه في عدالة الحكم.

إن خلاصة اكتناه هذا الواقع عند الإمام الشيرازي تشير الى إمكانية إنجاز مشروعه الديني في بناء دولة يتأسس نظام الحكم فيها على أساس أطروحته ونسق نموذجه المخطط له في العراق اعتماداً على ما يتضمنه هذا الواقع من عناصر القوة ومرتكزات الفعل الذي تقوم عليه هيئته الاجتماعية وتتقوم به حالته السياسية. وتتوزع هذه العناصر والمرتكزات في رأيه على ثلاثة محاور هي :

أولاً. محور المؤسسة المرجعية الدينية.

ثانياً. محور الأحزاب الوطنية الحرة.

ثالثاً. محور العشائر.

ويكاد أن يطمئن الباحث الى أن هذه المحاور وعناصر القوة في هذه المرتكزات الثلاثة من جهة وعلاقة المجتمع العراقي بها من جهة أخرى هي التي صنعت أحداث السياسة في تاريخ العراق الحديث وأنتجت تاريخه السياسي والوطني.

المحور الأول: المؤسسة المرجعية الدينية

المؤسسة المرجعية وبدءاً من دور الريادة الذي التزمت به في حركة الاستقلال والنضال الذي خاضته من اجل إخراج المستعمر الغاصب من أرض العراق والسعي الى تأسيس حكومة وطنية ومنتخبة تمر عبر اختيار الشعب لها وتحمل قيم الوطنية والمبادئ الإسلامية كانت تؤسس لها هذا المرتكز من القوة في قيادة الحدث والجماهير وترسخ لها موقعا متقدماً ومسؤولا في المجتمع العراقي إضافة الى ما تمتلكه من سلطة روحية في أعماق هذا المجتمع الذي عُرف عنه مدى التفافه حول مرجعيته الدينية وصدوره في منعطفات تاريخية كبرى عن آراء وفتاوى علمائه وزعاماته الروحية, حتى أمست هذه الزعامات والرئاسات الدينية القوة الأساسية في البلاد والرقم الأصعب في المعادلة العراقية بواسطة الالتفاف الجماهيري حولها والانقياد الشعبي لها وفي ذلك يقول الإمام الشيرازي (أصبحت المرجعية الدينية الجهة الماضية النفوذ في العراق وتعتبر الركيزة الرئيسية التي يستند عليها المجتمع العراقي)(8) إضافة إلى امتداد هذه الرئاسة الدينية في الحوزة العلمية في العراق الى مناطق واسعة في العالم الإسلامي ورجوع أبناء الشيعة في هذه المناطق الى مراجع التقليد والفتوى في النجف الأشراف وكربلاء المقدسة وكان (أغلب الشيعة في العالم الإسلامي في باكستان والهند وأفغانستان حتى لبنان ودول الخليج وإفريقيا وغيرها من البلدان الإسلامية يرتبطون بأولئك المراجع العظام ولقد كانت المشاكل تحل بأيدي أولئك العلماء)(9) مما سهّل انقياد هذا العالم الشيعي بقوته المهمة الى المرجعية الدينية في العراق رافداً إياها بمزيد من عناصر القوة والقدرة على مواجهة التحديات ويظهر حجم التأثير الذي تمتلكه هذه المرجعية والمدى الذي بلغته في زعامة هذا العالم إذا أدركنا وحسب قول الإمام الشيرازي انه (كان هناك خمسة وعشرون مرجعاً للمسلمين في النجف الأشرف وكلهم كانت لديهم رسائل عملية وكذلك كان الأمر في كربلاء المقدسة)(10) وأحد أولئك المراجع هو آية الله العظمى السيد الميرزا مهدي الحسيني الشيرازي والد الإمام الراحل.

المحور الثاني: الأحزاب الوطنية الحرة

وأما القوة الثانية التي تختزن الشيء الكثير من إمكانات العراق وقدراته على النهوض والبناء حسب عبارة الإمام الشيرازي, فهي الأحزاب الوطنية في العراق بما حملته من أفكار ثوريه ورؤى تقدمية وإنسانية في مرحلة ما قبل الأنظمة الجمهورية فقد استطاعت هذه الأحزاب إبان الحكم الملكي أن تفرض نفسها على الساحة كما يقول الإمام الشيرازي, ويضيف الى ذلك بأنها أصبحت تتحكم حتى بقرارات الدولة. ونتيجة اتساع القواعد الشعبية لهذه الأحزاب وقياداتها الوطنية المخلصة للقضية والوطن (أخذت الدولة آنذاك تحسب حساباً لهذه الأحزاب)(11) وتخشى من المجابهة مع هذا الحزب أو ذاك بل إن الأمر نفسه كان يحدث (في تلك الفئة أو الحزب الذي كان يمسك بزمام الأمور لأنه كان يحذر كل الحذر من باقي الأحزاب التي تعمل على الساحة)(12). وهنا تكمن القوة الحقيقية في التنظيمات السياسية وأهمية التعددية الحزبية في الحد من السياسات الدكتاتورية للحكومات المحلية والتصدي لمحاولات الانفراد بالحكم والنزوع نحو الاستبداد في إدارةِ شؤون البلاد. ذلك أن كل فرد يتحرك في مجال السياسة أو أي حزب يسعى الى استلام مقاليد السلطة يشعر أنه محاصر بمعارضة ومنافسة سياسية تغلق عليه أبواب الدكتاتورية وتمنع عنه الاستبداد وتدفعه دفعاً الى الاستجابة لمطالب الشعب حتى يتمكن من البقاء في السلطة. وهنا يبرز دور المراقبة الجماهيرية وأهميتها في الأنظمة الديمقراطية وما تتمتع به من مزايا تجعلها الأقرب لما تتطلع إليه الجماهير وتختاره الشعوب في سياسة الحكم والإدارة الناضجة لمصالح هذه الشعوب. ويرى الإمام الشيرازي في التعددية الحزبية وإيجابية المنافسة السياسية الديمقراطية انعكاساً لهذا النضج في وعي السياسة ودورها في (تنمية قوة الشعب وبعث الأمان في النفوس وتقوية ركائز الحرية)(13).

إن هذه التعددية وما تفرزه من منافسة بين الأحزاب المشاركة في اللعبة السياسية تؤدي الى خلق معادلة سياسية تنتهج في الأداء ضمان الحقوق وكفالة الحريات. يقول الإمام الشيرازي (إن المنافسة الحزبية الإيجابية في سبيل البناء تضمن للجميع حرياتهم وحقوقهم)(14) وينتهي الإمام الراحل في تقييم أهمية ودور هذه المنافسة الى استنتاجه القائل بأن محصلة وجود الأحزاب الحرة هو خلق (حالة من النضج الاجتماعي وتمييز الغث من الصحيح لما كانت الأحزاب صريحة في قضاياها وقضايا الأحزاب الأخرى)(15).

المحور الثالث: العشائر

وتكتمل عناصر القوة في المجتمع العراقي بالمؤسسة العشائرية والدور الذي أنيطت مسؤوليته بهذه المؤسسة على الصعيدين الاجتماعي والسياسي؛ فالعشائر تدخل في صلب تركيبة هذا المجتمع وتقوم بنيته الاجتماعية على ركيزة علاقاته العشائرية؛ وما تفرضه من قيم واعتبارات امتدت الى جوانب متعددة في حياته وواكبت كل تحولاته الاجتماعية والسياسية دون أن تتخلى عن الموقع المتميز والمؤثر لها وإن بدا عليه بعض الضعف في فترات متفاوتة من تاريخ العراق, ولكن من أهم مؤشرات القوة في واقع العشائر العراقية- حسب رأي الإمام الشيرازي- هو انخراط العشائر في الموقف والخط السياسي الذي التزمت به المرجعية الدينية والانقياد التام لمراجع التقليد في النجف الأشراف وكربلاء المقدسة. وقد ظهرت آثار ذلك واضحة في حرب الجهاد التي أعلنت على المستعمر البريطاني ونهوض العشائر في الاستجابة لفتاوى العلماء بوجوب الدفاع عن بلاد المسلمين ورد غائلة المعتدي. فقد أفتى مرجع الطائفة الشيعية آنذاك سماحة السيد كاظم اليزدي (قده) بوجوب الدفاع عن بيضة الإسلام والتصدي للغزو الاستعماري الذي استهدفت أرض العراق مع إنزال القوات البريطانية في أراضي البصرة عام 1914 إبان الحرب العالمية الأولى. وجاء في نص الفتوى في إحدى رسائله التي بعثها الى بعض عشائر العراق: (لا يخفى عليكم تحقق هجوم الكفرة على ثغور المسلمين. فانفروا كما قال الله خفافاً وثقالاً ولألفينكم كما يقول عز من قائل أشداء على الكفار رحماء بينهم فانهضوا بتوفيق الله الى جهاد عدوكم وعدو نبيكم. وأعدو لهم ما استطعتم من قوة. فقد أعلنا بوجوب الدفاع عن حوزة المسلمين وبيضة الدين وقد فضل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته... محمد كاظم الطباطبائي)(16).

واشتمل تاريخ حركة الجهاد هذه على مجموعة من المراسلات بين مراجع التقليد ورؤساء العشائر العراقية في مختلف أنحاء البلاد (17). بما فيها المنطقة الكردية في شمال العراق. وكانت استجابة العشائر مثالية في التزام تعاليم الدين في الحرب على الكافر المعتدي والسير تحت لواء زعماء الجهاد وأقطابه من فقهاء الشيعة وعلماء الدين, وأسست لمرحلة مهمة من تاريخ التواصل والالتحام بين المرجعية الدينية والعشائر العربية والكردية بنفس الوقت في العراق, وقد عبرة وقفة العشائر هذه عن روعة الانتماء الوطني وعمق العبودية لله سبحانه وتعالى, وبرزت هذه القوة مرة أخرى وتحولت الى فعل لعله أشد تأثيراً وأهم في نتائجه مما سبق في ثورة العشرين قي حزيران عام 1920 وقد شهدت هذه الانتفاضة الكبرى والمسلحة في مناطق الفرات الأوسط من العراق وعدد من المناطق الأخرى اندفاع العشائر في قتال المحتل وقواته الغازية بشجاعة وقناعة بهذا العمل الشرعي والوطني مما عكس طبيعة العلاقة القائمة بين المرجعية الدينية والعشائر العراقية بحيث أمست هذه العلاقة معلماً بارزاً في الواقع العشائري. ونتج عن استعانة المرجعية بقوة العشائر, واتباع العلماء ومراجع التقليد من قبل الشيعة تحقيق استقلال العراق وتأسيس دولته الحديثة. وعلى أساس ظهور قوة العشائر في إطار هذه العلاقة مع المرجعية فإن الإمام الشيرازي يعتبر أن أهم مرحلة من مراحل هذه القوة في تاريخ العشائر يوم انحصر التقليد بالمرجع الأعلى للطائفة الشيعة في العالم الإسلامي سماحة السيد أبو الحسن الموسوي الأصفهاني (قده) بعد أن شملت زعامته الدينية أغلب الشيعة في أقطار الأرض ودانت له بالتقليد والفتوى وعلى أثر ذلك استقطبت زعامته العشائر العراقية في الوسط والجنوب وأخذ زمام الأمر في التوجيه والحضور المتميز للمرجعية الدينية في الوسط العشائري بفضل شخصيته المؤثرة وشروط الاجتهاد والتقليد التي توفرت فيه بأكمل صورها وكذلك (بسبب وكلائه ومساعديه من رجال الدين أمثال آل الجواهري وآل بحر العلوم وآل الشيخ راضي وأل الجزائري)(18) حسب ما أشار إليه وذكره الإمام الشيرازي.

وتكونت بذلك من خلال العشائر قوة في الأمة كانت سبباً في الهيبة السياسية التي تحققت للمرجعية الدينية في العراق في عصوره المتأخرة بعد أن استندت الى (القدرة العشائرية المتزايدة حيث كانوا سند العلماء وسند الحوزات وسند العتبات المقدسة وسند المؤمنين وسند الاقتصاد)(19) ما أدى الى حصول نوع من التكافؤ بين الدولة والأمة في نظر الإمام الشيرازي الراحل حسب عباراته. إن استعراض الإمام الشيرازي لعناصر القوة ومرتكزات الفعل في حياة المجتمع العراقي وإبراز الجانب الأهم في صياغة هذه العناصر للواقع وكذلك تأكيده المستمر والواعي لدورها المتأصل في طبيعة هذا المجتمع وإيلائها هذا القدر الكبير من الاهتمام في بحوثه ومؤلفاته ومحاضراته يرجع الى قناعة الإمام الراحل ذات البعد الديني والسياسي بأن الحل للمشكلة العراقية يكمن في إحياء عناصر القوة هذه وتهيئة الأسباب التي تؤدي الى عملية الإحياء, وأهم ما يدعو إليه الإمام الشيرازي في هذا المجال هو النهوض بالعراق وبناء دولته بالاعتماد على قدراته الخاصة وإمكانياته الذاتية وأخيراً بلورة مسيرته السياسية في تأسيس نظام للحكم يقوم على المشاركة الفاعلة لجميع مكوناته. وتلتزم عملية البناء السياسي هذه والتي يتم من خلالها إحياء عناصر القوة في المجتمع عند الإمام الشيرازي بحق الشراكة السياسية لجميع مكونات العراق الاجتماعية وكياناته السياسية, وبذلك تتضامن قواه الرئيسية الثلاث وهي المرجعية الدينية والأحزاب الوطنية الحرة والعشائر, وتعمل على تقوية لحمة العراق وترتيب نسيجه وبناء دولته. وفي ذلك يرى الإمام ضرورة (إعادة القوى السياسية التي كانت تعمل على الساحة العراقية قبل 35 سنه وهي المرجعية والتعددية الحزبية والعشائر)(20) الى ساحة العمل السياسي بعد أن يستشف من خلال استقراء الوضع السياسي الدولي والإقليمي بأن (أوضاع العراق السياسية مقبلة على تغييرات سياسية جديده وأن حزب البعث لا يبقى طويلاً في  السلطة)(21) .

الهوامش

1.الشيرازي/ محمد الحسيني/ الشيعة والحكم في العراق.. موقع الإمام الشيرازي على الانترنيت www.alshirazi.com

2. المصدر السابق.

3. آراء الإمام الشيرازي وأقواله في حكومة المستقبل كانت قبل سقوط نظام الحكم في بغداد عام(2003م) والذي لم يمهله القدر رؤيته إذ توفي في شوال 1421هـ .

4. الشيرازي/ محمد الحسيني/ العراق ماضيه ومستقبله.. موقع الإمام الشيرازي على الانترنيت www.alshirazi.com

5. الشيرازي/ محمد الحسيني/ استعارات حول السياسة.. موقع الإمام الشيرازي على الانترنيت www.alshirazi.com

6. الشيرازي/ محمد الحسيني/ الشيعة والحكم في العراق/ مصدر السابق.

7. المصدر السابق.

8. الشيرازي/ محمد الحسيني/ العراق ماضيه.../ المصدر السابق.

9. المصدر السابق.

10. المصدر السابق.

11. المصدر السابق.

12. المصدر السابق.

13. المصدر السابق.

14. المصدر السابق.

15. المصدر السابق.

16. مجلة آفاق عربية, العدد (10)/ حزيران 1978.

17. المصدر السابق.

18. الشيرازي/ محمد الحسيني/ العراق ماضيه.../ المصدر السابق.

19. المصدر السابق.

20. المصدر السابق.

21. المصدر السابق/ تكرر باُن آراء الإمام الشيرازي في شأن سلطة البعث ونظامه تعود لما قبل السقوط المدوّي لهذا النظام في 9/4/2003م.

الصفحة الرئيسية | نشاطات المركز | مقالات | عن المركز | بحوث مستقبلية | إصدارات المركز | الهيئة الإستشارية | منار المستقبل | إتصل بنا

أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 5

 جميع الحقوق محفوظة لمركز المستقبل للدراسات والبحوث / 1427هـ / 2006م

info@mcsr.net